موضوع جيد واحب ان اضيف اليه
هو أبو عبدالله محمد بن أبي الحسن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبه البخاري نسبة إلى مدينة (بخارى) التي ولد وعاش فيها.
لفظ (بردزبه) هو أشهر الرسوم الواردة في اسم الجد الأكبر للبخاري ومعنى الكلمة هي الفلاح أو المزارع في لغة أهل بخارى.
نلخص إلى أن البخاري يرجع نسبه لأسرة متواضعة كانت تحترف الفلاحة، وأن الجد الأكبر بردزبه فارسي الأصل. وأول هؤلاء إسلاماً من أبناء بخاري هو المغيرة بن بردزبه وكان إسلامه على يد اليمان الجعفي والي خراسان وبذلك انتمى إليه وصارت كلمة الجعفي لقباً من بعده.
اتجه اسماعيل بن إبراهيم نحو العلم والمعرفة، واشترك في الحركة العلمية المعنية بخدمة الحديث الشريف آنذاك وشاء الله أن يوفق أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم في حياته وسلوكه، فاشتهر بالورع والصدق والتقوى، والعلم ورحل إلى حيث كبار الأئمة، وروى بالسماع عن مالك بن أنس وصحب عبدالله بن المبارك، وترجم له ابنه أبو عبدالله في كتابه (التاريخ الكبير) وجمع أبو الحسن مالاً وفيراً كان يقول عنه: (لا أعلم في جميع مالي درهماً من شبهة) وقبل وفاته رزقه الله ولده عبدالله محمد بن إسماعيل الذي نترجم له قصة حياته.
ولد البخاري يوم الجمعة 13 شوال 194 هـ، وكانت بخارى المدينة الكبيرة من بلاد تركستان، على المجرى السفلي لنهر زرامنستان التي فتحها المسلمون بعد منتصف القرن الأول الهجري وكان فتحها على يد القائد المسلم قتيبة بن مسلم وقد جعلها بعد ذلك من كبرى مدن المسلمين وكذلك جعلها مركزاً علمياً وثقافياً مهماً.
يذكر عن أم البخاري أنها كانت ممن يقبل الله دعاءهم، لعظم تقواها، وهي التي سهرت على تربية ابنها، وتسديد خطاه حتى اشتد عوده ورحلت به للحج حيث افترقا، فعادت هي لوطنها، وبقي هو بادئاً حياة جديدة في التكوين والنضج فجمع من العلم أغنى ذخيرة عن طريق القراءة والحفظ والسماع والحوار والمناقشة في مجالس العلم وكان هذا مساعداً له لإنتاج مؤلفه العلمي الضخم الذي أكسبه شهرة عالمية، إلى أن توفاه الله 256 هـ.
سمع البخاري الحديث الشريف من شيوخه وهو في الحادية عشرة من عمره، وكان آنذاك نحيلاً ضعيفاً وظل هكذا معظم حياته فكان عرضة للأسقام.
كان عزيز النفس، عفيف اليد، يتحمل ولا يريق ماء وجهه حتى في أشد حالات حاجته وعسره فكان يستر عريه بالاحتباس في البيت.
سافر البخاري إلى معظم بلدان المسلمين وخاصة فيما بين مصر غرباً وخراسان وما وراء النهر في أقصى الشرق، وتردد على أكثر ما زاره من أمصار غير مرة طالباً للعلم والمعرفة وعلى هذا النحو تعلم وعلم، وأخذ أطيب الثمرات وألف، بعد تدقيق وحسن اختيار لكل ما قال.
تركزت أهمية مدرسة البخاري في توخي الصحيح من الأحاديث، ويمكن أن نقول بصفة عامة أنه في سبيل ذلك جاب الأقطار وتحدث لأغلب علماء الحديث في عصره وهو يقول في فئة منهم: (لقيت أكثر من ألف رجل من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وخراسان، فما رأيت واحداً منهم يختلف في هذه الأشياء: أن الدين قول وعمل، وأن القرآن كلام الله). ويقول عن فئة أخرى، (كتبت عن ألف وثمانين نفساً، ليس منهم صاحب حديث).
ومن وراء كل هذه الأعداد فئات أخرى، التقى بهم البخاري وسمع منهم إلا أنهم لم يكونوا أهل ثقة، ولم يأخذ بما رووا له، وكان يقول: (أحفظ مائة ألف حديث صحيح ومائتي ألف حديث غير صحيح).
صحيح البخاري: سفر ضخم يصفه مؤلفه بقوله: (أخرجت الكتاب من نحو ستمائة ألف حديث، وصنفته في سبع عشرة سنة، وجعلته حجة فيما بيني وبين الله).
بارك الله فيك