السلام عليكم
إذا نظرنا إلى الحضارة الإسلامية، نرى فيها سمتين مميزتين لم نجدهما فى أى حضارات من حضارات العالم القديم أو الحديث
* الاولى أن مؤسسها نبى الله صلى الله وسلم عاش 40 عاما (قبل البعثة) بلا اى طموح سياسى أو قيادى ملحوظ
ولد فى صحراء الجزيرة العربية فى مكان لم يعرف بحضارات قديمة بل كان بعيدا حتى عن الحضارات المعاصرة آنذاك
ولد يتيم الأب ثم يتيم الأم ثم مات جده الذى أشرف على تربيته
عاش صلى الله عليه وسلم أميا لا يقرأ ولا يكتب
عاش فقيرا واشتغل برعى الغنم ثم بالتجارة
لم يكن له أى طموح سياسى أو قيادى
لكنه تميز بالصدق والأمانة وصلة الرحم والإعانة على نوائب الحق
* الثانية أنه أسس حضارته من الصفر حيث أنه لم يكن هناك أى مسلم على وجه الأرض حين أوحى إليه ربه فقد كان أول من أسلم
وهاتان السمتان إنما هما دليلان على صدق دعوته وأن الإسلام هو الدين الحق
أما إذا نظرنا إلى الحضارات الأخرى وجدنا أن قيامها غالبا ما يستغرق العشرات بل أحيانا المئات من السنين
كالحضارة المصرية القديمة واليوناينة والرومانية وغيرها
وأما إذا نظرنا إلى مؤسسى الحضارات فلا يمكن مقارنة سيد ولد آدم وعبد الله ورسوله بأناس أغلبهم من الملاحدة والكفار
وحتى إن نظرنا نظرة علمانية فلن نجد أحدا بعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعلى سبيل المثال
الملك مينا مؤسس الحضارة المصرية القديمة ومؤسس الأسرة الأولى
لم يكن تأسيسه للحضارة المصرية غريبا فقد كان ملكا على جنوب مصر بخلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى لم يكن له أى منصب أو مركز سياسى أو قيادى حتى أوحى الله إليه
ولم يقم الملك مينا إلا باحتلال شمال مصر ولا أعرف حتى الآن ما هو المبرر لذلك الاحتلال
والإسكندر الأكبر لم يؤسس حضارته من الصفر فحضارة اليونان كانت أقدم من ذلك لكن الإسكندر ولى العهد قام بالتوسعات بعد موت أبيه فيليب
وتيموجن (جنكيز خان) الذى كان أبوه شيخا للقبيلة واغتاله أناس من القبائل المجاورة فأراد تيموجن أن يسترد ملك أبيه ثم حارب القبائل والدول المجاورة له حتى أقام حضارة همجية انهارت قوتها بعد 200 سنة تقريبا
وثيودور هرتسل الذى يعتبر مؤسس دولة إسرائيل لم يؤسسها من الصفر بل إنه قام بجمع اليهود الذين هم موجودون منذ مئات السنين وكانوا ممن يتحكمون فى اقتصاد العالم فلم يكن من الصعب توحيدهم
سؤالنا الآن هو
ما هو الهدف وراء الفتوحات الإسلامية؟
إن الهدف كان واضحا أشد الوضوح
الهدف كان نشر دين رب العالمين
الهدف كان نشر الإسلام
كما قال ربعي بن عامر فى كلمته الشهيرة
لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد
من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد
ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام
ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة
لم يكن الهدف أبدا السيادة والسيطرة وبسط النفوذ وجنى الثروات
ومن الأدلة على ذلك أن من دخل فى الإسلام من القبائل أو الدول (كاليمن والبحرين وعمان والطائف وغطفان وغيرهم) لا يتعرض له المسلمون بالحرب أو السبى أو أخذ الغنائم أو السلب والنهب أو حتى فرض الضرائب الذى اعتادته الحضارات والامبراطوريات الأخرى
فإذا نظرنا إلى أهداف أى دولة تحتل دولة أخرى لا نكاد نجد سببا منطقيا لذلك
وقس على ذلك انتشار الفراعنة والبابليين واليونانيين والرومانيين والفارسيين والبربر والصليبيين والمغول والفرنسيين والبريطانيين والألمان والشيوعيين واليهود والأمريكيين وغيرهم الكثير
وبذلك يتبين لنا الفارق الكبير بين الحضارة الإسلامية وغيرها من الحضارات
والسلام عليكم