قصّة تائب ...
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا.
هذه الخواطر أصوغها عساها تبلغ بعض ما لا ينطلق به اللسان.
أبدأها بنثر نظمته :
يقول منكرا من القول و يصدّ عن السبيل من أناب
صاحبي الذي يقــول اجعل ديدنــك الحب
فوالله مالعشق إلاّ مرض و الهيام و الصبابة إلاّ ضلال
فراقك لوعة و هم و أسى و لكن اعلم بأن ما عند الله خير
مسكين من اكتوى بحبّ و جعل حبيبه المعشوق
قلّي يا من تشتكي لوعة ماذا أعددت ليوم تشخص الأبصار
ما حبّ لغير الخالق جائز ألست مع من أحبّ في النّار
في زمان قريب كنت أرى في الحبّ أسمى المشاعر و أصدقها. كانت نظرتي تلك مبنيّة على ما كنت أقرأه في الرّوايات و القصص و ما أشاهده في الأفلام و المسلسلات. كانت قصص المحبّين تستهويني و قصص العشّاق تبكيني. لذلك فقد كتبت كثيرا من الخواطر و كثيرا من الرّسائل. كنت أرى في الحبّ الأفلاطوني مثالا ساميا أستلهم منه الكلمات أرصّها لتأخذ القلوب و تسحرها، كنت أرى ذلك في العيون و البسمة الحلوة على الشّفاه.
أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم كنت ضالاّ مضلاّ. ماذا تغيّر ؟
الإيمان بالله. فيما مضى كنت ضعيف الإيمان لا أفقه شيئا لا أميّز بين الحرام و الحلال. بل كنت أظنّ ظنّا و أصدّق ما أشاهده في الأفلام و أعتبره مثالا يحتذى به. ماذا تغيّر ؟
الأيّام تمضي تليها الشّهور و السّنوات، يولد الطّفل فإذا به على شفا القبر. و تتعاقب القرون إلى أن يرث الله الأرض و من عليها. دنيا فانية تزيّنت فأخذت القلوب و الأبصار. دنيا فتنت العباد، دنيا الخزي و الثّبور في الآخرة.
يا أيّها الفرحون أنصتوا لعلّكم تفقهون. إنّ الله لا يحبّ الفرحين. إن كنت تتباهى بمال أو بجاه أو بجمال أو بسلطان فاحذر فإنّها إلى زوال و لا يبقى سوى عمل صالح تلقى به ربّك فيرضى عنك أو سوى خطايا تحشرك في النّار.
أنا ابن الشّرف لا تغويني إمرأة و لا مال. طلّقت الدنيا و بهرجها. و ابتغيت إلى العزيز السّبيل. اللّهم إنّي لا أخاف سواك فارض عنّي و اجعلني في حماك. تكالب الخلق على الدّنيا فنسوا ذكر الرزّاق المنّان و اشتدّ عليهم الأمر حتّى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت و لمّا دعوك أجبت و من يجيب سواك. اللّهم إنّك تكشف الضّرّ و إنهم العائدون إلى غيّهم. الدّنيا بلاء و ابتلاء. الدّنيا همّ و غمّ. الدّنيا طريق طويل تسلكه لتقذف في السّعير. أمّا من عمل صالحا فهو من المقرّبين الّذين يرثون الجنّة.
ما أكثر الفاسقين و المنافقين الّذين يأمرون بالمنكر و ينهون عن المعروف. نسوا الله فنسيهم. عمّ الفجور و فسدت الأخلاق و انعدم الحياء و قلّت البركة و طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون. أين الآمرون بالمعروف النّاهون عن المنكر ؟ إنّهم وراء الدّنيا يركضون. و آخرون لا يملكون حولا و لا قوّة فلا يتحرّكون، و آخرون في السّجون مبعدون أو بين يدي الجلاّد معدمون. القوم في سبات لا يعلمون بأنّ ربّهم قادر على أن يستبدلهم بقوم يحبّونه. ألا يعلمون أنّه لا يخشى اللَهَ الكافرون المكذّبون و أنّ أولئك هم عن رحمته مبعدون و هم بعذابه موقنون و منه غير هاربين.
اللّهم أنت قلت بأنّ رحمتك قد سبقت غضبك أ مع هؤلاء الّذين إذا ذُكِرْتَ اشمأزّت قلوبهم و لَوّوْا رؤوسهم و فرّوا ؟ الّلهم، إنّك قد وسعت كلّ شيء علما. و ما قولُك إلاّ في عبادك الّذين يحبّونك و إذا ما ظلموا أنفسهم استغفروا لذنوبهم و تابوا إليك.
فيما مضى كان قلمي يذرف على عتبات الهوى العبرات واليوم يذرف قلبي على عتبات النّدم الحسرات. كم كنت مضلاّ حين تحدّثت يوما عن حبّ و كم كنت غارقا في الضّلال. أسلت حبرا كثيرا و متّ بلحظ من بعض الفتيات. نار سيكوى بها جسدي و ستنفقئ بها عيني و جمر أمسكه بيدي فيغلي به عقلي.
اللّهم لقد تبت إليك من شرّ أعمالي و أسلمت لك أمري.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته