إلى كلّ أم
إلى أمّي
أنيسةُ لَيلِ الرحيلِ الطويلِ
وَرَجعُ المواويلِ
هادِيَتي إذْ أضِلُّ
حَصادي لِغدرِ الزمانِ
وَسَيفي الذي لا يُفَلُّ
وحارِسةُ الرّوحِ
لمّا أجيئُ .. وَلمّا أروحُ
وَحينَ عَنِ الأرضِ أجلو
مَليكةُ عرشِ الحنانِ
عَلى رأسِها فضّةُ التاجِ
أُبّهةُ الصولَجانِ
شُجيراتُ قُطنٍ تَفتّحَ ألماسُها في الخريفِ
بَيادِرَ حُبٍّ تَغِلُّ
مَتاعِبُ خَطّتْ على الوَجنتينِ الخرائِطَ
ها طٌُرُقاتُ المخيّمِ منها تُطِلُّ
وَها شطُّ يافا .. وَبحرٌ وَرملُ
وَها عالياتُ الجليلِ .. جِبالٌ وَسهلُ
جَبينٌ يُضيئُ
كَما صَفحةٌ في كِتابٍ
يَضمُّ القصائدَ عن عاشقَينِ
وَفجرٍ يجيئُ
بِهِ الرّوحُ تَسمو وَتَعلو
وَعيْنانِ إذْ تَبسُمانِ
تُحيلانِ هذا الخرابَ جِناناً
فَيلمَعُ في آخرِ الليلِ نَجمٌ
وَينضَحُ في أوّلِ الصُبحِ طَلُّ
وَثغرٌ إذا ما الكلامُ أتاهُ
تُغطّي السّماءَ طيورُ الحمامِ
وَيُزهِرُ في القلبِ وردٌ وَفُلُّ
وَصَوتٌ دَفيئٌ يُقطّرُ شَهداً
فَينشقُّ ليلٌ
وَتُشرِقُ فوقَ الحدائقِ شمسٌ
وَيشتاقُ عِطرَ البنفسجِ نَحلُ
لِشيءٍ إذا ما رأتني فَرحتُ
تطيرُ ابتهاجاً
كَما في صباحاتِ عيدٍ سَيختالُ طِفلُ
وَترتاعُ إنْ راوَدتني الهُمومُ
فَتنهالُ مِنْ مُقلتيها الدُموعُ سُيولاً
وَترفعُ للهِ كَفّينِ راجِفَتينِ
وَوَجهاً هو البدرُ حينَ اللّيالي تَحِلُّ
وَفيما الدُعاءاتُ تَنسابُ كالأغنياتِ
تَكونُ الخيالاتُ في أوّلِ الكونِ صارتْ
وَتَهفو السكينةُ شوقا ، لِروحي تَهِلُّ
فَيا أمُّ .. يا أمُّ ..
مَهما كَبُرتُ
صَغيراً أظلُّ
وَتبقى ذِراعاكِ مَهدي
وَتبقينَ لي أرزةً ..
.. فَيْئها أستظلُّ