بعض المعارك التي حصلت بعد قرار التقسيم
1. معركة القسطل:(1)
"أ. معركة القسطل الأولى في 4 نيسان (أبريل) 1948:
- تقع قرية القسطل على هضبة عالية تبعد نحو 8 كم عن القدس غرباً وتشرف إشرافاً تاماً على طريق القدس ـ تل أبيب ـ يافا، وهي بذلك تؤلف موقعاً إستراتيجياً مهماً إذ أن من يحتلها يتحكم بالشريان الرئيسي للقدس الغربية وقد جرت فيها المعركة المسماة باسمها.
- في 3 نيسان 1948 قامت مجموعة من اليهود (البالماخ) مؤلفة من سرية مصفحات وفصيلة هندسة ميدان ونحو 500 مقاتل من حرس المستعمرات بهجوم مباغت على هذه القرية بقصد فك الحصار المضروب وتأمين تموين مائة ألف يهودي في القدس الغربية وفي المستعمرات المحيطة بها ولم تكن القرية محصنة ومع ذلك فقد صمد أهلها العرب بما تيسر لهم من أسلحة خفيفة وبنادق عادية وذخيرة لم تكن تكفيهم للصمود طويلاً وقاموا بصد الهجمات المتكررة والمستمرة لعناصر يهودية مستميتة ومزودة بأحدث أنواع الأسلحة ومدافع الهاون.
- وفي النهاية نفذت ذخيرة المدافعين العرب ولم يكن فيها من القوة ما يكفي للدفاع عنها حيث كان فيها 50 مسلحاً فقط وانسحبوا من قريتهم التي احتلها اليهود وتمركزوا فيها وراحوا يعملون على تحصينها وتشييد استحكامات قوية فيها.
- أثار سقوط القسطل في أيدي اليهود حمية المجاهدين العرب وقررت قيادة منطقة القدس مهاجمة القرية قبل أن تستقر فيها أقدام اليهود فتجمع ما يقارب من (300) مجاهداً. واتجهوا جميعاً ومن جهات مختلفة وخاصة الجهة الجنوبية للقسطل (عين كارم والمالحة) لمحاصرتها وقطع الإمدادات عنها بقصد احتلالها وقد قسم الـ300 مجاهد إلى عدة فرق كل فرقة تحت قيادة معينة.
- بدأت المعركة صباح 4 نيسان 1948 فطوق المجاهدون البلدة واحتلوا التلال الواقعة بينها وبين عين كارم وذلك بعد معركة عنيفة خسر فيها المجاهدون ثلاثة شهداء وخمسة جرحى بينما خسر اليهود خمسة وعشرين قتيلاً وعشرات الجرحى.
- في 5 نيسان 1948 نسف المجاهدون جسراً يقع بالقرب من قالونيا ويصل القسطل بالمستعمرات المجاورة لها إلا أن اليهود تمكنوا من إعادة بناءه في اليوم نفسه.
- في 6 نيسان هاجم المجاهدون (محاجر الجيشار) اليهودية ونسفوها بعد أن قضوا على الحراس فيها واحتلوها وخسر اليهود في هذه الهجمة الكثير من جنودهم ولكن المجاهدين لم يتمكنوا من الاحتفاظ بهذا الموقع نظراً لأن ذخيرتهم قد نفذت أو كادت فشن اليهود عليهم هجوماً معاكساً بعد أن وصلتهم إمدادات كثيرة من الرجال والسلاح والمؤن بواسطة الطائرات وتمكنوا من استرداد الموقع في اليوم نفسه واستشهد من المجاهدين خمسة رجال وصرح عدد منهم ثم أخذ اليهود يضيقون الخناق على القرى المجاورة حتى لا يتحرك أهلها لنجدة المقاتلين حول القسطل وأخذ القتال يتحول ضد المجاهدين العرب بعد أن أصبحوا محاصرين من يهود مستعمرات (عطاروت والنيفي يعقوب)، وبذلك انتهت معركة القسطل الأولى.
ب. معركة القسطل الثانية:
- كانت بدايتها في 6 نيسان 1948 عندما التحق عبد القادر الحسيني بالمجاهدين، في صباح ذلك اليوم، وكان هذا بعد مغادرته القدس عن طريق المالحة عين كارم وفي عين كارم اجتمع عبد القادر مع المجاهد عبد الفتاح درويش فترة، نصح درويش القائد عبد القادر بأن لا يدخل مثل هذه المعركة لأن حساباتها تدل على أنها معركة خاسرة له و لأعوانه.
- وفي يوم 7 نيسان 1948 زحف القائد عبد القادر بقوات المجاهدين حسب خطة قد تم إعدادها مسبقاً لهذه المعركة على معاقل العدو المحيطة بالقسطل، فاستطاع رجال عبد القادر من تطويق القسطل بعد عراك شديد مع العدو الصهيوني وبعد ذلك دخلت مجموعة من رجال عبد القادر القرية محاولة شن هجوم على اليهود الذين هم فيها ولكن هذا الهجوم فشل بسبب نفاذ الذخيرة من كثير من المجاهدين، وذلك بعد اشتباكاً ضارياً قد دار بينهم وبين العدو وقد قتل من المجاهدين الكثير وجرح منهم عدد وبذلك توقفوا عن متابعة التقدم في داخل القرية.
- ولما وصل النبأ إلى القائد عبد القادر ذهب هو بنفسه ليتولى قيادة المعركة، ودخل القرية هو ورجاله الباقين والتحم باليهود الذين هالهم ما رأوه من تصميم المجاهدين واستماتتهم في الهجوم ودار عبد القادر هو ورجاله معركة شديدة كان فيها شجاعاً مقداماً، ولكن سرعان ما نفذت أسلحته هو والمجاهدين، فأصبح عبد القادر و من معه وحدهم دون ذخيرة أمام مراكز العدو المحصنة والتي عززت بإمدادات كثيرة من الرجال والعتاد فشعر اليهود بحراجة وضع عبد القادر ورجاله فأطبقوا عليه وحاصروه بإحكام وعم خبر محاصرة اليهود لعبد القادر ورجاله فزحف المتطوعون والمجاهدون من كل حدب وصوب لنجدتهم، وبلغ عدد المجاهدين الذين هبوا لنجدة عبد القادر ورجاله 500 مجاهد، وأطبقوا على القسطل من جميع الجهات.
- في 9 نيسان وبعد معركة ضارية دارت بين الطرفين فر اليهود مهزومين من القرية واستطاع عبد القادر وأعوانه أن يحقق معجزة حربية بطرد اليهود من القسطل لكنه استشهد أثناء هذه المعركة، وكان ذلك في قمة التل ولما علم رجال عبد القادر الخبر أصابتهم فاجعة وحزنوا حزناً شديداً على قائدهم ولم يفرحوا بنشوة الانتصار الذي حققوه معه.
وبعد هذا الانتصار وبعد استشهاد عبد القادر غادر الذين كانوا يقاتلون معه القرية لأسباب دفعتهم لذلك ففريق منهم غادر القرية لنفاذ ذخيرته و فريقاً آخر غادرها بسبب أن القتال أتعبه ومنهم من غادرها ليحضر مآتم الشهيد.
فاستغل الصهيونيون هذه الظروف كلها فسارعوا بعد ساعات، واحتلوا القرية ثانية ودمروا بيوتها وحصونها ومسجدها، وبذلك سقطت قرية القسطل ثانية بأيدي الإرهابيين اليهود
- "وبعد استشهاد عبد القادر الحسيني دارت مفاوضات طويلة بين القدس والهيئة العربية العليا في دمشق من أجل تعيين خلف لعبد القادر وتم الاتفاق على تعيين خالد الحسيني لقيادة "الجهاد المقدس
معركة طبريا:
- "تقع طبريا على بحيرة طبريا أكثرية سكانها من اليهود استمر القتال فيها خلال كانون الأول ديسمبر 1947 وكانون الثاني (يناير، وشباط) فبراير 1948 أعلنت بعدها هدنة بين الطرفين في 14 آذار (مارس)، غير أن الهدنة في العرف اليهودي هي حدث مؤقت لم يدم هذه المرة سوى شهر واحد، ففي السادس عشر من نيسان (أبريل) بدأت الأرغون هجومها على طبريا، ولكن الجيش البريطاني تدخل هذه المرة وأعلن هدنة أخرى ثلاثة أيام وفي اليوم الثالث أقنع الضابط البريطاني المدافعين العرب بترك طبريا واستعملت وسائل نقل الجيش البريطاني لإخلاء السكان العرب جميعاً لأنه لم يكن باستطاعته ضمان سلامتهم، وبذلك سقطت عكا بأيدي الاحتلال اليهود".
معركة حيفا:
- "بدأ القتال في حيفا بعد تبني قرار التقسيم مباشرة فكان شديداً كان الهجوم والهجوم المضاد مستمرين بين العرب واليهود وكانت الأضرار والخسائر فادحة.
- لم ينحصر القتال في حيفا بل امتد إلى عكا وكل القرى المجاورة وحصلت معركة على الطريق بين حيفا وعكا عندما تصدى إرهابيون يهود لقافلة عربية من عدة عربات مليئة بالذخائر في طريقها إلى حيفا فلم يصل منها إلى هدفها غير عربتين بينما دمر الباقي فقد حطم العرب ذخيرتهم بأنفسهم كي لا تسقط بين أيدي اليهود، وكان عدد من استشهد في هذه المعركة 15 عربياً، بعد أن قاتلوا قتالاً مجيداً.
- كان لضياع مثل هذه الذخيرة وفقدان الشجعان الذين تدربوا على استعمالها أثر سيئ على وضع العرب في المدينة وصار الوضع أسوأ حين صادر الجيش البريطاني كعادته إمدادات جديدة جاءت للمناضلين في حيفا ونظراً لأن بريطانيا العظمى كانت تريد أن ترى حيفا بأيدي اليهود قبل 15 أيار 1948 وهو آخر وقت لانتدابها اتفق الجنرال ستوكويل البريطاني قائد القطاع الشمالي سراً مع الإرهابيين اليهود لتسليمهم مواقع الجيش البريطاني المسيطرة الحصينة يوم انسحابهم، كما أفشى لهم سراً آخر إذ أنبأهم دون أن ينبئ العرب بأن انسحاب الجيش البريطاني في حيفا سوف يحدث في وقت مبكر أي يوم الثالث والعشرين من نيسان (أبريل)، وليس في أول أغسطس (آب)، كما أعلن من قبل ومن أجل أن يزيد في مساعدتهم قسم الجيش البريطاني حيفا في اليوم الحادي والعشرين من نيسان (أبريل) إلى قسمين وصادر كل الإمدادات العربية، وهي في طريقها إلى المدينة، فاستغلت الهاغاناة الوضع بالتواطؤ مع الجنرال ستوكويل، وقامت في اليوم نفسه بهجوم مفاجئ على حيفا فصارت المدينة في آخر اليوم التالي أي يوم 22 نيسان (أبريل) في أيديهم".
معركة يافا:
- "بدأ الهجوم الكبير على يافا يوم الخامس عشر من آذار (مارس) 1948 غير أن المناضلين العرب ردوا هذا الهجوم وفي العشرين من آذار (مارس) شن الإرهابيون هجوماً أقوى على أبو كبير وهو من جوار يافا الهامة ورد هذا الهجوم أيضاً وتكرر الهجوم، في الثاني والعشرين، وكذلك الثالث والعشرين من الشهر نفسه على أبو كبير.
- أخافت هذه الهجمات المتكررة على يافا وقضائها سكان المدينة، فاستنجدت اللجنة القومية العربية في يافا باللجنة العسكرية في دمشق وذلك لكي تنقذها من هذه الهجمات.
- أرسلت اللجنة العسكرية في السادس والعشرين من مارس كتيبة القادسية إلى يافا، واتخذت مواقعها في حي المنشية والبصة.
- في الرابع والعشرين من نيسان (أبريل) هاجم الصهيونيون حي المنشية، وفي اليوم التالي ألقوا قنابل الهاون والصواريخ على المدينة كلها، واستمر الهجوم بالقوة نفسها حتى الثامن والعشرون من نيسان (أبريل).
- وفي ذلك الوقت، أرسل القاوقجي قطعة من جيش الإنقاذ بقيادة النقيب ميشيل العيس لدعم المقاومة، ولكن فوجئ النقيب ميشيل العيس أن النقيب نجم الدين كان يتمركز في المواقع الإستراتيجية وهو قائد كتيبة القادسية أنه أخلاهما لخلافه مع القاوقجي فتمكن العدو من احتلال المنشية وتل الريش دون خسارة وفي اليوم نفسه سقطت سلمه والعباسية وبيت دجن من قضاء يافا في أيدي اليهود فدب الرعب، فاندفع الناس فارين ووقع في الشرك النقيب ميشيل العيس ورجاله فقد أحاط بهم العدو من كل الجهات. وفي الخامس من أيار (مايو) فر النقيب العيس ورجاله وبعض أعضاء اللجنة القومية من المدينة المحاصرة فبهذا الانسحاب زاد الرعب في قلوب سكان المدينة وأصيبوا بالذهول وهم يشاهدون القوات العربية ترحل عن يافا وعمت الفوضى وتركت آلاف السكان بيوتها خالية وهي تبحث عن وسيلة للفرار من يافا وهكذا وقعت مأساة الاحتلال الصهيوني لمدينة يافا.
- وبعد سقوط يافا في 28 نيسان (أبريل) 1948 وجد المناضلون الذين كانوا يسيطرون على مركز مياه رأس العين أنفسهم يواجهون خطر الهجوم عليهم، وبما أن القدس العربية تشرب من مياه أخرى مثل عين فارة وبرك سليمان فقد عمدوا إلى تحطيم آلات ورأس العين قبل أن يغادروها".
معركة حي القطمون في القدس:
- "ظل حي القطمون العربي منذ أن تبنت الأمم المتحدة قرار التقسيم مسرحاً للهجمات اليهودية نظراً لموقعه الإستراتيجي ولقد هز المدينة نسف فندق سمير أميس في الخامس من كانون الثاني (يناير) 1948 ونتج عنه 22 عربياً تحت الأنقاض ونسفت ثلاثة بيوت.
- شن الصهيونيون هجومهم الأكبر على القطمون في السابع والعشرين من نيسان (أبريل) وكان أول ما سقط من القطمون في أيدي اليهود دير الروم الأرثوذكس وقد تبين لإبراهيم أبو ديه الذي كان متولي الدفاع عن القطمون ضخامة القوى المهاجمة فطلب النجدة فأرسل له النقيب فاضل العبد الله من جيش الإنقاذ فصيلاً من رجاله لكنهم لم يستطيعوا البقاء، في ساحة المعركة إلا ساعات قليلة وأرسل في اليوم نفسه خالد الحسيني خمسين رجلاً من "الجهاد المقدس" لكن هذا العدد القليل لا يمكن اعتباره مساعدة حقيقية.
- واضطر أبو دية إلى الانسحاب في أول أيار (مايو) مع قلة من المناضلين الذين بقوا على قيد الحياة، وبذلك أخذ الناس الذين يسكنون حي القطمون يتركونه خوفاً على حياتهم من مجازر يرتكبها الصهاينة بحقهم فبهذا أصبحت الفرصة سانحة لليهود أن يحتلوا حي القطمون، وبذلك تم احتلالها.
وفي 14 أيار انسحبت الكتيبة السادسة من جيش الإنقاذ من القدس، وكانت بقيادة الرقيب عبد الله التل حيث أن مهمة هذه الكتيبة حراسة القوافل الفلسطينية في رحلاتها إلى بيت لحم والخليل ورام الله.... الخ. وكان قرار مغادرة هذه الكتيبة من القدس قد صدر عن غلوب باشا حيث أنه تم مغادرة هذه الكتيبة من القدس إلى أريحا