المحاولات اليهودية المبكرة للسيطرة على حائط البراق
بيت المقدس
المحاولات اليهودية المبكرة للسيطرة على حائط البراق
ففي ذلك الوقت كانت الهجرة اليهودية من أسبانيا إلى الدولة العثمانية في حالة ازدياد مستمر بفعل عامل الجذب العثماني المتسامح ، مقابل ما واجهه اليهود في أسبانيا .
مع حلول العام ألف وخمس مئة وعشرين دخل الحائط العربي إلى التقاليد اليهودية الجديدة وصار جزأ منها .. وتحول إلى حائط لبكاء اليهود عنده .
لم يدرك السلاطين العثمانيون ما يبيته اليهود للحائط وللقدس وفلسطين عموما, وفي أجواء التسامح ، أدوا طقوسا قرب الحائط ، سرعان ما أخذوا يعبرونها حقوقا لهم .
محاولين استغلال أية فرصة لتثبيتها ، فقد سمحوا إلى استغلال سيطرة المصريين على القدس ، فتقدم يهودي يتمتع بالحماية البريطانية بطلب للسماح له بتبليط الرصيف الواقع أمام الحائط أو الزقاق المجاور له .
وحين عرض الطلب على المجلس الاستشاري الذي أنشأه محمد على باشا في القدس ، رفض الطلب ، وثبت محمد على وابنه إبراهيم هذا الرفض .
وطلب الأخير من متسلم القدس أن يمنع اليهود من رفع أصواتهم أثناء طقوسهم مع السماح لهم بالزيارة لقاء رسم محدود لمتولي الوقف في حينه . وفي منتصف القرن التاسع عشر بذل الصهاينة جهودا حثيثة للاستيلاء على الحائط ، فقد حاول الحاخام عبد الله ، حاخام بومباي شراء الحائط ، كما سعى الثري اليهودي موشيه مونتفيوري إلى استصدار إذن من السلطات العثمانية يسمح لليهود بوضع مقاعد وكراسي في المكان ، ونصب أعمدة لإقامة مظلات واقية من الأمطار .. ولكن مساعي مونتفيوري لم تنجم سوى عن السماح مؤقتا بوضع طاولة للقراءة قرب الحائط أزيلت بعد فترة وجيزة بناء على طلب السلطات الإسلامية الدينية .
لاحقا حاول ردتشيلد شراء حارة المغاربة المجاورة للحائط ، وفشلت جهوده ، إلا أن اليهود كانوا يستغلون التسامح والسماح بالزيارة على مدار الوقت كي يتحول الأمر إلى حق ثابت ، فعادوا إلى رفع أصواتهم والبكاء ، ومع حلول عام ألف وتسع مئة وأحد عشر حاولوا مجددا إحضار الكراسي للجلوس عليها أثناء البكاء ، ووضعوا ستارا بين مكان الرجال ومكان النساء ، ولكن كل ذلك أزيل بأمر السلطات العثمانية بعد شكوى متولي الوقف الإسلامي .
تغيرت الصورة مع فرض الانتداب البريطاني على فلسطين ، فهذا الانتداب كان يهدف أساسا إلى تهيئة إقامة الوطن القومي اليهودي في فلسطين وكان نورمان بنويش ، وهو أحد كبار موظفي حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين يعتبر " أن أكبر محفل ديني لاجتماع اليهود في القدس هو الحائط الغربي " .
استغل اليهود الصهاينة تأييد حكومة الانتداب لهم ، وعادوا إلى وضع أدواتهم أمام الحائط ، ما فجر غضب المسلمين ال1ين واجهوا هذا الوضع عام ألف وتسع مئة وخمسة وعشرين ، مطالبين بإزالة ما وضعه اليهود من أدوات أمام البراق ، ولكن هؤلاء واصلوا القيام بالبكاء والصراخ مع تركيز أدواتهم عند الحائط ، وهو ما فجر ثورة البراق سنة ألف وتسع مئة وتسع وعشرين التي أسفرت عن مقتل مئة وثلاثة وثلاثين مستوطنا صهيونيا ، واستشهاد مئة وستة عشر مواطنا فلسطينيا .
بعد ثورة البراق جاءت لجنة تحقيق دولية إلى فلسطين . قررت بنتيجة التحريات التي قامت بها ، أنه للمسلمين وحدهم تعود ملكية الحائط الغربي ، ولهم وحدهم الحق العيني فيه لكونه يؤلف جزءا لا يتجزأ من ساحة الحرم الشريف التي هي من أملاك الوقف .
وأعطت اللجنة لليهود حرية السلوك إلى الحائط لإقامة التضرعات ، دون جلب أي أدوات . مع ذلك واصل الصهاينة التحرش بالبراق ، حتى كان عدوان حزيران واحتلال القدس .