الأخوة و الحب في الله
إنها مسلاةٌ للهم ..
يصِفونها بأنها ماء العيش .. و يمدحونها فيقولون هي من سعادة المرء ..
بل هي مُهجة القلب و ريحانة الحياة ،
و هي التي متى ما تفيَّأنا بظلالها نشعر بأن الكون بين دفتيْ قلوبنا ..
ربما قد تُنسينا و نحن نعيش في ظلالها تلك بعضاً من همومنا .. أو لنقُل غالب همومنا !
فهكذا نشعر عندما نحياها بكل ثانية من ثوانيها
و في كل ثانية تغيب عنا هي و من يحملها ،
تضيق علينا الدنيا بما رحُبت و تأسرنا آهـــات الحُرقة و دموع الفُرقة
وقد ذكر ذلك في القرآن الكريم
قال تعالى " إنمــــا المؤمنون إخوة "
فتأملوا كيف أن الخالق العظيم الحكيم ربط بين الأخوة و الإيمان ..
فهو تعالى لم يقل إنما المسلمون و لم يقل إنما الناس
ربطٌ جميل و رائع .. فلا إيمان بلا أخوة و لا أخوة بلا إيمان
فإذا وجدتم صحبة بلا إيمان فاعلموا أنها صحبة مصلحة ،
و إن أحس الناس أنها بالظاهر ليست كذلك
و لكنها بعد أيام قليلة ستتحول بينهم لعداوة ....
و إن لم يكن في الدنيا فسيكون في الآخرة ..
إلهـــام عجيب يلهمك الله تعالى فيمن حولك و في صداقاتك
مراتب الحب في الله و درجاته
الحب في الله درجات تبدأ من أن نحب الشخص بمجرد توسمنا فيه الخير و دون أن نعرفه جيدا ،
فنحن في الواقع نحب القيم الفاضلة التي يمثلها ... فالنفس المسلمة تهب الحب لكل
من هو أهل له و جدير به ... و هذه أدنى درجات الحب في الله .. ثم نرتقي في المراتب
حسب أهميتها ..
و تلك المراتب هي :-
1- المعرفة :
عن الرؤية أو السمع فقط و مطلوب فيها سلامة الصدر و صلاح النية ..
2- المرافقة :
في طريق ، في سفر ، في رحلة ... الخ
3- الصحبة :
و هي الملازمة و الإتباع ..
4- الصداقة :
و هي حقيقة الأخوة و معها تكون المعاشرة و المخالطة و المؤانسة ، و يحكم
بالزاورة ( يعني تزاور يزور كل منهم الآخر ) ،
و المؤاكلة ( يعني أن يأكل في بيت صاحبه )
5- الأخوة :
تكون بين المتقاربين في المعاني و الحس .. بأن يوجد في أحدهما من الهمة
و القلب و العلم و الخلق ما يوجد في الآخر و إن تفاوتا..
"ملاحظة "
إن الله تعالى اعتبر أن المبذرين إخوان الشياطين مع أنهم ليسوا من جنسهم و لا
على وصفهم في الشكل .. و لكن لما تشابهت قلوبهم و أحوالهم و أفعالهم آخى بينهم ..
فقال : إخوان الشياطين .
6- المحبة :
و هي الإخاء الخـاص .. و هذا يجعله الله تعالى في القلوب ألفة و أنسا ..
و يتولاه بعينه و لا يوليه غيره ... و فيه انشراح الصدور و ارتياح القلوب ..
7- الخلـة :
( و هي مأخوذة من تخلل المحبة في قلب المحب )
فإذا كانت في الله و لله فإنها أعلى مراتب الحب في الله ، و لا تكون إلا بين عالمين عارفين ،
على معيار واحد و طريق واحد ، و هذا أعز موجود و صفته الإيثار ...
إن من أجمل ما تصنعه الأخوّة في النفوس جلاء الهموم و الأحزان
فإن كنت مع إخوانك ستجد من يسلِّيكَ في حزنك و يواسيك عند ألمِك و يخفِّف عنكَ ما أصابك
و يجدِّد فيكَ روح الأمل بالدعاء لك و إعانتك و الأخذ بيدِك لتصل إلى بر الأمان ..
و قد كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - إذا خرج على أصحابه يقول لهم :
أنتم جَلاء حزني ..
إنها الأخـــــــــــــــــــوة ....!
حين تعيش مع قلب ينبض بالحب .. و عين ملؤها الشوق ..
تشعر بالسعادة و الفرح و الطمأنينة .. خاصة عندما تذكر أنك من الذين سيظلهم الله بظله ..
يوم لا ظل إلا ظله ..
فلنجعـــــل شعارنــــا و هدفنــــا
و أول أوليــــــاتنا
أن نملأ قلـوبنا بحب الله .. و الحب في الله ...
فــــ ستكون حيـــاتنا مع كل من نعاشر
من الأهل و الأصحاب رائعة لأننا سنشعر أننا معهم أجمعين نتعامل لله وحده فقط .