منزلتها في قلب النبي
صلى الله عليه وسلم
لقد حظيت عائشة-رضي الله
عنها-بمنزلة كبيرة وعظيمة في قلب النبي-صلى الله عليه وسلم-فكان يداعبها ويلاعبها
ويلاطفها بل وأحياناً يتحمل منها بعض ما يصدر عنها تكرماً منه وما ذلك إلا ليعطي
الأسوة والقدوة في حسن المعاشرة والتلطف بالأهل، فكانت-رضي الله عنها-هي المدللة
لديه الحبيبة إلى قلبه وقد سئل-صلى الله عليه وسلم-عن أحب النساء إليه فقال:
"عائشة"، وإليك أيها القارئ الكريم في الأسطر التالية بعضاً من الدلائل والشواهد
على مكانتها ومنزلتها في قلب نبينا-صلى الله عليه وسلم-.
تتحدث-رضي الله
عنها-فتقول: كنت ألعب بالبنات عند النبي-صلى الله عليه وسلم-وكان لي صواحب يلعبن
معي فكان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-إذا دخل ينقمعن منه فيسربهن إليّ فيلعبن
معي. رواه البخاري.
وعنها-رضي الله عنها-قالت: لقد رأيت النبي-صلى الله عليه
وسلم-يوماً على باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد ورسول الله يسترني بردائه أنظر
إلى لعبهم ( ).
وفي رواية قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون فقال لي: "يا حميراء
أتحبين أن تنظري إليهم؟" فقلت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت
وجهي على خده، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "حسبك"،قلت: يا رسول الله لا
تعجل، فقام لي ثم قال: "حسبك"، فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وما بي حب النظر
إليهم ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامي ومكاني منه. رواه النسائي.
وعنها-رضي
الله عنها-قالت: دخل علي رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وعندي جاريتان تغنيان بغناء
بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمار الشيطان عند
النبي-صلى الله عليه وسلم- فأقبل عليه رسول الله-صلى الله عليه وسلم-فقال: "دعهما"
فلما غمزتهما خرجتا". رواه البخاري.
وفي موقف آخر يظهر فيه تلطفه-صلى الله عليه
وسلم-ومداعبته لزوجه ما روته-رضي الله عنها-حيث تقول: قدم رسول الله من غزوة تبوك
أو خيبر وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة (لعب) فقال: "ما
هذا يا عائشة؟"
قالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً لـه جناحان من رقاع، فقال: "ما
هذا الذي أرى وسطهن؟"، قالت: فرس، قال: "وما هذا الذي عليه؟" قالت: خيلاً لها
أجنحة.، قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه.
وعنها في رواية مسلم: "كنت ألعب بالبنات في
بيته وهن اللعب"، ألا ما أجمل الخلق، أظن لو أن أحداً رأى زوجته تلعب ببعض الألعاب
لسخر منها ولعنفها ولكنه القدوة الحسنة-صلى الله عليه وسلم- والمثل العليا.
ومن
الدلائل العظيمة والشواهد الجليلة على مكانة أمنا عائشة-رضي الله عنها- في قلب
نبينا-صلى الله عليه وسلم-ما رواه أنس-رضي الله عنه-حيث قال: أن جاراً لرسول الله-
صلى الله عليه وسلم-فارسياً كان طيب المرق فصنع طعاماً لرسول الله-صلى الله عليه
وسلم-ثم جاء يدعوه فقال: وهذه؟ (يسأل رسول الله الفارسي، أي هل زوجتي معي).، فقال:
لا، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: لا، فعاد يدعوه فقال رسول الله-صلى الله
عليه وسلم-: وهذه؟، قال: لا، فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: لا، ثم عاد يدعوه
فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: وهذه؟ (أي هل زوجة رسول الله-صلى الله عليه
وسلم-ضمن الدعوة؟) قال: نعم في الثالثة، فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله. رواه
مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: فكان النبي مخيراً بين إجابته فاختار أحد
الجائزين وهو تركها إلا أن يأذن لعائشة معه لما كان بها من الجوع
ونحوه.
فكره-صلى الله عليه وسلم-الاختصاص بالطعام دونها وهذا من جميل المعاشرة
وحقوق الصحبة وآداب المجالسة المؤكدة. أ. هـ( ).
بل إنه صلى الله عليه وسلم كان
يتتبع موضع فم زوجته ليضع فمه الشريف مكانه زيادة في تأليف القلوب وإظهاراً لمحبته
لزوجته الطيبة.
عن عائشة-رضي الله عنها-قالت: كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله
للنبي-صلى الله عليه وسلم-فيضع فاه على موضع فـيَّ فيشرب، وأتعرّق العِرق وأنا حائض
ثم أناولـه للنبي-صلى الله عليه وسلم-فيضع فاه على موضع فـيّ.
وأحياناً أخرى
كان-صلى الله عليه وسلم-يلاعبها ويمازحها بإجراء بعض المسابقات الخفيفة التي تخلق
جواً من الفرح والسرور على نفس الزوجة.
عن عروة عن عائشة-رضي الله عنها-قالت:
سابقني النبي-صلى الله عليه وسلم-فسبقته ما شاء الله حتى إذا رهقني اللحم سابقني
فسبقني فقال: "يا عائشة هذه بتلك".
وعن جابر بن عبد الله-رضي الله عنهما-قال:
كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-رجلاً سهلاً إذا هويت الشيء تابعها عليه. رواه
مسلم.
قال النووي في الشرح: معناه إذا هويت شيئاً لا نقص فيه في الدين مثل طلبها
الاعتمار وغيره أجابها إليه.
ومن المواقف الطريفة التي تدل على محبته لها-صلى
الله عليه وسلم-ما روته أمنا عائشة-رضي الله عنها-حيث قالت: دخل عليّ النبي-صلى
الله عليه وسلم-بأسير فلهوت عنه فذهب فجاء النبي-صلى الله عليه وسلم-فقال: "ما فعل
الأسير؟" قالت: لهوت عنه مع النسوة فخرج، فقال: مالك؟ قطع الله يدك أو يديك. فخرج
فأذن به الناس فطلبوه فجاءوا به فدخل عليّ وأنا أقلب يدي أنظر أيهما تقطع فقال:
مالك، أجننت؟ قلت: دعوت عليّ فأنا أقلب يدي أنظر أيهما تقطع، فحمد الله وأثنى عليه
ورفع يديه وقال: "اللهم إني بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن أو مؤمنة دعوت عليه
فاجعلها زكاة وطهوراً" رواه أحمد في مسنده.
الثلاثاء أبريل 01, 2008 10:31 pm
