هل سبق لك وان سألت نفسك كيف يصدق بعض الناس أن هناك أشياء مثل الكائنات الفضائية وقرى ألأقزام ...؟؟؟
كيف يصدقون هذا السخف....؟؟؟؟
هل لأنهم سذج أم جهلة أم أغبياء مثلاً....؟؟؟
أم لأنهم أبناء مجتمع متخلف تنموا فيه الخرافة بسهولة .....؟؟؟؟
في الواقع أن تصديق بعض الناس لهذا الكلام له أسبابه العديدة ومن ضمنها ما ورد أعلاه لكن السؤال هنا هل كل من يصدق هذه الكلام هو جاهل أو ساذج أو غبي بالضرورة
وهل كل من يصدق هذا الكلام هو ابن لمجتمع متخلف بالضرورة أيضا ...؟؟؟
طبعاً لا والدليل على هذا الكلام إننا نجد أشخاص متعلمين ومثقفين و ينتمون إلى مجتمعات قمة في الرقي بل هي مجتمعات تقود ركاب الحضارة في زماننا هذا ومع هذا نجدهم يصدقون بأشياء من هذا القبيل.
إذا الذي يصدق هذه الخرافات قد يكون غبياً وقد لا يكون وقد يكون من مجتمع متخلف تنتشر فيه الخرافة بشكل كبير وقد يكون العكس
ومن هنا نجد أن السؤال المحوري في هذا الموضوع لا يزال معلقا ً بلا إجابة وهو السؤال الذي يقول.
ما هو السبب في تصديق بعض الناس لهذه الخرافات مع اختلاف قدراتهم العقلية والمعرفية ومع اختلاف مجتمعاتهم ....؟؟؟؟
حتى نجيب على هذا السؤال يجب أن نعرف ما هو العامل المشترك بين هؤلاء الناس لأنه هو الذي سيكون السبب الرئيسي في تصديق هذه الخرافات
نخطي كثيراً عندما نبحث عن هذا العامل المشترك في ذوات هؤلاء الإفراد فنقول أن الذي يصدق هذه الخرافة غبي أو أحمق أو من مجتمع متخلف
وهذا غير صحيح بالضرورة و ينفيه واقع الحال نعم قد يكون بعضهم كذالك لكن أيضا بعضهم على العكس من هذا بعضهم علماء وبعضهم دكاترة جامعات هل هذا يتفق مع وصمهم بالغباء والسذاجة...؟؟؟
العامل المشترك بين كل هؤلاء والذي نبحث عنه هنا هو خضوعهم لمؤثر خارجي يتمثل في بيئة مخلقة تستهدف تحييد وموازنة القناعة المطلقة وتحويلها إلى قناعة نسبية أو بمعنى آخر نستطيع أن نقول أن العامل المشترك بين كل هؤلاء الذين يصدقون هذه الخرافات هو خضوعهم لبيئة من الشك المعقول 1
لو نظرنا للمقولة السابقة وبالتحديد لعبارة أن هذا العامل المشترك عبارة عن بيئة مخلقة للزم من هذا الكلام أمرين اثنين
أولا _ بما أنها بيئة مخلقة فلابد من وجود من خلق هذه البيئة لهذا نجد أن الذين يدافعون عن هذه الأفكار المغلوطة إما ضحايا لها أو مستفيدين منها
ثانيا _ بيئة الشك المعقول مرتبطة بالسببية إذا كان هناك من يحاول خلق بيئة من الشك المعقول تجاه أي قضية فلابد من وجود أسباب لخلق هذه البيئة
في الجزاء الثاني من نفس العبارة نقول أن هذا المؤثر يستهدف تحييد وموازنة القناعات المطلقة بمعنى ان بيئة الشك المعقول لا تستهدف أن تقولب قناعات الفرد بطريقة معينة ولا تستهدف أيضا أن تغير هذه القناعات ولكن تهدف إلى تحييدها وموازنتها والتخفيف من حدتها و كتفصيل أكثر نقول نحن ندرك أن الخرافة مثل الموت لا تدرج فيها فكما انه لا يصح أن نقول ان هذا الرجل ميت كثيرا وهذا اقل منه موتاً
كذالك لا يصح أن نقول أن هذا هذه القصة خرافية كثيراً وهذه القصة خرافية قليلاً فالقصة أما أن تكون حقيقية وأما أن تكون خرافية .
ومع إدراكنا لهذه الحقيقية إلا أننا نجد أنفسنا نرفض بعض الخرافات بدرجة اقل حدة من رفضنا لخرافات أخرى مع أننا نعتبرها كلها خرافات
كمثال على هذا الكلام لو أخبرتك أنني اصدق قصة وحش بحيرة لوخ ستضحك علي كثيراً لكنك ستضحك أكثر لو أخبرتك إنني اصدق قصة قرى الأقزام
أنت تعتقد أن قصة وحش بحيرة لوخ خرافة وتعتقد أيضاً أن قصة قرى الأقزام والمستمدة من المثلوجيا الاسكندينافية 2 خرافة أيضا لكن لماذا استهجنت خرافة الأقزام أكثر من استهجانك لخرافة وحش البحيرة...؟؟؟
السبب في هذا أن الخرافات التي نرفضها بدرجة اقل سبق لنا أن سمعنا عنها في وسائل الإعلام وسبق لنا أن شاهدنا برامج وثائقية عنها ليظهر لدينا سؤال جديد يقول هل يعقل أن يكون كل هذا كذب وهذا بالضبط هو هدف بيئة الشك المعقول الذي تحدثنا عنه وهو تحييد القناعات والتقليل من حدة الرفض لها وموازنتها .
الحديث هنا ليس عن الخرافة لأنه لا يعنيني كثيراً أن يصدق الناس أن هناك كائنات فضائية أو وحوش تشبه الديناصورات أو حتى جمال ترقص التانغوا
وأيضا من المهم جداً أن أقول هنا إنني لا أهدف إلى تمجيد الجمود ونقد الشك فأنا اعتقد أن الشك احد أهم الخطوات في سبيل بناء المعرفة واحد أهم الخطوات في سبيل بناء الإيمان
ولكن الذي أريد أن أقوله هنا أن هناك أشياءً في هذه الحياة لا تحتمل الشك فإذا شك الإنسان فيها سقط
فالذي يشك في حقه في الحياة لا يستحق العيش والذي يشك في حقه في الكرامة لا يكون إلا ذليلاً كذالك الذي يشك في قداسة الأمانة والصدق والنزاهة لا يكون أمينً ولا صادقاً ولا نزيهاً
هل يكون للإنسان قضية وهو يشك في عدالة قضيته...؟؟؟؟
بيئة الشك المعقول هذه البيئة القادرة على العبث بقناعاتنا العقلية والقادرة على أن تجعلنا نصدق أو على الأقل لا نرفض أشياء اقل ما يقال عنها أنها تمتهن العقل ماذا لو كانت تحاول تعبث بقناعاتنا المبدئية أو الأخلاقية ..؟؟؟ هل ممكن أن يحصل هذا وهل نحن نوجه هذه المشكلة
في الواقع أنا اعتقد إن بيئة الشك المعقول لا تعبث بقناعاتنا المبدئية والأخلاقية فقط ولكنني اعتقد أنها تغيب المبدأ والأخلاق فينا فمثلا
من معتقد أهل السنة أن الخروج على الحاكم باب شر لا يجب أن يفتح وهذا حق ولكن يجب أن نعرف أن المقصود بالخروج على الحاكم هو حمل السلاح على الدولة وليس نقدها المشكلة أن بيئة الشك المعقول تروج لنسخة معدلة من هذه القاعدة الشرعية بحيث تتوسع لتشمل نقد اخطأ الدولة وهذا يفسر الصمت المفجع الذي تمارسه النخب الدينية مع أن كثيراً منهم من أصحاب التدين الحقيقي الغريب في الموضوع أن هذه النسخة المعدلة من هذه القاعدة الشرعية تتصادم بشكل فج مع قاعدة شرعية أخرى تقول أن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر .
ـــــــــــــــــــــــ\/ـــــــــــــ 1 ما هو الشك المعقول هو مصطلح قانوني يمثل العنصر الأهم في النظم القضائية التي تعتمد هيئة المحلفين والمقصود بهذا المصطلح هو البيئة التي تحاول كل من جهة الادعاء وجهة الدفاع أن تجذب أعضاء هيئة المحلفين إليها من خلال تقديم الأدلة أو دحضها ومن خلال شهادة الشهود أو رفضها وكل هذا يهدف إلى جذب المحلفين إلى منطقة من الشك يفسر لصالح المتهم أو ضده. وما استعارتنا له هنا إلا لأنه هو الوصف الأدق للظاهرة مدار النقاش.
2 لا يقصد بقرى الأقزام أنها قرى لقصار القامة ولكن يقصد بها الخرافة الأيسلندية التي تتحدث عن وجود كائنات صغيرة الحجم بحجم الكف تقريباً تعيش في هذه الجزيرة وهي من الخرافات الغير مشهورة على المستوى العالمي مع أنها حاضرة وبقوة في العقل الأيسلندي استمع لرئيس هذه الدولة ماذا يقول