حين تفكر ببناء منزلك الجديد فإنك تفكر غالبا كما يفكر معظم الناس.. فواجهة المنزل تقليدية، ومنافعه معتادة، ومواده من الاسمنت والطوب.. نعم؛ قد تحاول تجميل الواجهة وأقلمة الداخل وإقحام بعض الديكورات، ولكنك في النهاية ستبني "عمارة" تقليدية!!
وحين تفكر بمشروع تجاري فما هو أول شيء يتبادر لذهنك!؟.
دكان بالتأكيد.. دكان مثل الجميع.. قد تغير فيه قليلا أو كثيرا، وقد تتفنن بالعرض وتتنوع في البضاعة.. ولكنك في النهاية تؤسس "دكانا" تقليديا!!
وفي الحقيقة لا لوم ولا عتب على من يفكر بهذه الطريقة. فهي طبيعية وشائعة وتسمى الطريقة الرأسية في التفكير. فتفكيرنا ينطلق غالبا مما حولنا ومما اعتدنا عليه. وهو يبدأ بطريقة رأسية ـ خطوة فوق خطوة ـ حتى يصل للحل النهائي!!.
* ولكن لماذا تنطلق من حيث انطلق الآخرون!؟
لماذا تبدأ بخطوات رأسية متتابعة؟
لماذا لا تخرج عن المسار فتبني عمارة بشكل هرم أو تؤسس دكانا.. على الانترنت!!.
فالإبداع هو ان تغادر القافلة وتترك للناس كل الأفكار التقليدية.. أن تخترق بفكرة جديدة ثم تتوسع بها؛
في عالم الاقتصاد مثلا نلاحظ أن الشركات المزدهرة هي الشركات التي اخترقت السوق بفكرة جديدة ثم تشبثت بها.. كوكاكولا مثلا اخترقت السوق بمشروبها المعروف وتمسكت به، وسوني طوّرت الترانزستور وصعدت على ظهره، وزيروكس اخترعت آلة النسخ وتحولت إلى شركة عملاقة، وكرايزلر أول من صنع الجيب فاكتسحت به الأسواق (حتى أصبحنا نطلق اسم جيب على كل سيارة دفع رباعي).
هذه مجرد نماذج لشركات خرجت عن زحمة الأسواق التقليدية لتبتكر لنفسها سوقها الخاص. أما القاعدة بحد ذاتها فصالحة للتطبيق في كل المجالات..
* وأنت أيضا يجب أن تخرج عن المسار وتخترق ما حولك بفكرة جديدة. وبعد أن تفعل ذلك لا بأس في أن تعود إلى الطريقة الرأسية في التفكير وتضع لمسة هنا ولمسة هناك.
وطالما بدأنا بنموذج (العمارة) سنكمل عليه ونأخذه كمثال؛ فأنت حين تخرج عن التفكير التقليدي وتبني منزلك بشكل غير معتاد (كهرم أو سفينة شراعية) فإنك بذلك تبتدع أسلوبا معماريا جديدا..
اما الخطوة التالية فهي التفكير بالطريقة الرأسية التقليدية فتخطط داخل المنزل حسب احتياجاتك الفعلية!!
أما بالنسبة للمشروع التجاري؛ فلماذا الإصرار على الدكان؟.. لماذا لا تفكر بتقديم خدمة مختلفة أو ابتكار سلعة غير معروفة؟.. أما إن عجزت، فلماذا تصر على فتح الدكان "في شارع الستين" في حين أن متجرا على الانترنت يراه العالم كله!؟.. وبعد ان تقرر الاستعانة بالإنترنت (لبيع العود أو حتى الفقع والضبان)
التفكير بطريقة (الخروج عن المسار) لا يحتاج لذكاء خارق أو إمكانيات إضافية بل إلى رؤية مختلفة وجراءة للتغيير.
ومن الواجب ـ بعد أن نعوّد أنفسنا عليها ـ أن نربيها في أطفالنا ونطلب منهم إنجاز أعمالهم المعتادة بطريقة مختلفة في كل مرة..
أما نظرة المجتمع فيجب ألا تُحد من طموحنا أبداً، فالناس ترى الفكرة إبداعاً (إن حققت نجاحا) وجنانا (إن انتهت فشلا).. أما أنت فيكفيك فخرا اكتشاف سر الإبداع