استياء وغضب عارم ومطالبة بفتح تحقيق فوري خلّف مباراة كرة القدم الودية التي جرت يوم الثلاثاء في مدينة تل أبيب الإسرائيلية، وجمعت بين فريق ريال مدريد بطل الدوري الاسباني لهذا الموسم، وفريق يتكون من لاعبين إسرائيليين وفلسطينيين، بتنظيم من "مركز بيرس للسلام" الذي اعتاد على تنظيم مثل هذه المباريات الرياضية، بالإضافة للفعاليات الثقافية والاجتماعية بدعوى "نشر رسالة السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي".
المباراة خُطط لها منذ عدة أشهر، وحاول المركز الذي يديره شيمعون بيرس، الرئيس الجديد لدولة إسرائيل جذب اكبر عدد ممكن من اللاعبين الفلسطينيين، إلا أنه فشل في ذلك ليقتصر الأمر على بعض اللاعبين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وجميعهم من مدن الضفة الغربية والقدس، ومن داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
وسائل الإعلام الفلسطينية المختلفة استبقت المباراة بشن هجمة شرسة على مثل هذه المباريات التي تعطي انطباعا لدى الأوروبيين والغرب بشكل عام، بأن العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي هي علاقة محبة وسلام، في وقت يمارس الجيش الإسرائيلي جرائمه بحق الشعب الفلسطيني، ويواصل احتلاله للأرض الفلسطينية وتقطيع أوصال ما تبقى من أراض، ولم يكن غريبا أن يقتل صبيحة اليوم التالي لتلك المباراة سبعة فلسطينيين في غزة وجنين.
وطالبت وسائل الإعلام المحلية اتحاد الكرة الفلسطيني بمعاقبة أي لاعب أو إداري يشارك في المباراة، وشطبه نهائيا من سجلاته، فيما هدد جمال زقوت عضو الاتحاد بفرض عقوبات قاسية على اللاعبين المشاركين، إلا انه من الواضح أن هذه التهديدات لن تجد طريقها للتنفيذ، كون المشاركة تأتي بقرار سياسي وليس رياضي حسبما صرح أحد اللاعبين الذين وُجهت لهم الدعوة للمشاركة.
وقال جبران كحلة، وهو من مدينة رام الله، إن المشاركة أصبحت بمثابة أمر واقع كونها تأتي بناء على تعليمات من القيادات السياسية الفلسطينية، وتحديدا الرئيس محمود عباس، وهي ذات الحجة التي ساقها لاعبون آخرون في مباريات سابقة جرت في روما وبرشلونة واشبيلية وغيرها من المدن الأوروبية وشارك فيها لاعبون فلسطينيون.
ومن الواضح أن اتحاد الكرة الفلسطيني، وهو المسؤول عن جميع اللاعبين المقيدين في سجلاته، سيجد نفسه في موقف محرج، فالشارع الرياضي سواء في غزة أو الضفة يرفض تماما المشاركة في مثل هذه المباريات "التطبيعية"، ويدعو للضرب بيد من حديد لكل من يشارك فيها، بينما للمسؤولين السياسيين رأي مختلف، ويمارسون ضغوطا على الاتحاد واللاعبين لإجبارهم على المشاركة، حتى وصل الأمر بحسب وسائل الإعلام المحلية، إلى تهديد اللاعبين بأرزاقهم، والتلويح بفصلهم من العمل إن هم رفضوا المشاركة، باعتبار معظم اللاعبين يعملون في الأجهزة الحكومية التابعة للسلطة الفلسطينية
المباراة التي جرت أمام حضور جماهيري بلغ نحو 30 ألف متفرج جميعهم من الإسرائيليين سبقها بعض العروض الرياضية بمشاركة لاعبين عرب ويهود يخضعون لرعاية "مركز بيرس للسلام" والتقطوا صورا تذكارية برفقة نجوم ريال مدريد المتوجين لتوهم بلقب الدوري الاسباني بعد صراع مرير مع الغريم التقليدي برشلونة، قبل أن يترجل بيرس من على المدرجات مع رئيس النادي الاسباني رامون كالديرون، لالتقاط صور أخرى مع اللاعبين والأطفال.
ولم يجد فريق ريال مدريد أي صعوبة في الفوز على الفريق "الفلسطيني الإسرائيلي" وأنهى اللقاء لمصلحته بثمانية أهداف دون مقابل، سجل نصفها اللاعب جوتي، بينما أضاف قائد الفريق راؤول جونزاليس واستيبان روميرو وسيرجيو سانشيز والفارو نجريدو الأهداف الأربعة الأخرى على مدار شوطي اللقاء.
جدير بالذكر أن مركز بيرس اُنشأ في عام 1993 على هامش الاستعدادات لتوقيع اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، ويحظى بدعم سخي من المجموعة الأوروبية والولايات المتحدة، ويشارك في فعالياته بعض الشخصيات السياسية الفلسطينية، التي كان من بينها جبريل الرجوب وياسر عبد ربه وقدورة موسى وغيرهم.
منقول من
الجزيرة توك