ها نحن نرى خيمات بيوت الأجر تنتقل من بيت إلى آخر في بلدنا كفركنا وغيرها من البلدان. وهذا يدل على أن الديمومة والبقاء لله تعالى. أما الفناء فعلينا نحن البشر (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
الموت قادم لا محالة وان طال العمر فالأجل قاطع للأمل (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) .
فلنعتبر ولنتّعظ من هادم اللذات ألا وهو الموت. ولا أكون مبالغا إذا قلت بأن اليوم الآخر عند بعض المسلمين لا ينال من تفكير واهتمام مثل ما يناله يوم عادي من أيام هذه الدنيا الفانية.
وقد تمر على البعض منا فترات طويلة دون التفكير في اليوم الآخر ولا يخطر على بال احد منا ذلك اليوم العظيم (يوم يقوم الناس لرب العالمين).
ترى الإنسان منا يستعد ويشمر لحر الصيف وبرد الشتاء ويتهاون ليوم حر جهنم والعياذ بالله وقد يشمر بهذه الأيام لفرح ولده أو بنته وكذلك ينسى اليوم الآخر.
ومع كل تكرار الآيات بالإيمان واليوم الآخر في كتاب الله نرى الكثير لا يذكرون ذلك اليوم ولا يعظّمونه ولا يضعونه نصب أعينهم بالرغم من كثرة الموت . يتصورون هذه اليوم بعيد بينما يهتمون بالقريب ألا هي الدنيا.
وفي هذا نقول :
أما المقدر سوى من عنده ما كان*
ربي المهيمن عن الناس مغنينا *
أيام تبقى حلو وتعيش أنت فرحان *
وأيام تشكي البلى ومر التحازينا*
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول 'أكثروا من هادم اللذات أي الموت' .
فها نحن شئنا أم أبينا ذكرنا أم لم نذكر الموت يداهمنا . مجرد سمعنا سماعة المسجد ليخبر المنادي بموت فلان من الناس يجب أن تهتز المشاعر وتتيقظ القلوب الغافلة لنستشعر اليوم الآخر من خلال التسميات والصفات التي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز .
القارعة* الصاعقة * الحاقة * الواقعة * الصاخة * الطامة * الغاشية * الزلزلة * الرجفة * والنفخ في الصور* .
إلى آخر الأسماء والصفات.أُوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى أيها الناس جميعا أيها الشباب هدانا وإياكم الله إلى الصراط المستقيم لا تسألوا عن سبب موت فلان وكيف مات بل كل منا يجب أن يسأل نفسه ماذا أعد لمثل هذه الساعة وللقاء الله تعالى فلنعد ولنستعد للأجل الذي هو قاطع للأمل لنعمل بقول الله تعالى في سورة لقمان وأتوجه إلى أبناءنا الشباب حملت المستقبل وحملت هذا الدين وحملت الرسالة اتقوا الله في أنفسكم وفي ذويكم اعملوا بقول الله تعالى ( يا بنيّ أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك وأغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير).
ولو تدبرنا ما أنزل الله في كتابه العزيز وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لوصف اليوم الآخر وما سيحدث فيه من أهوال وإذهال لما طرفت لنا عين بنوم دون ذكر الله تعالى ودون التضرع إلى الله .
ولما ابتسمت لنا شفاه ولا هنئ لنا بال ولا جف لنا دمع من خشية الله تعالى من وهل هذا اليوم .
إن الذي يقرأ أو يسمع الآيات ولا يتأثر ويصحو من غفلته يكون من أهل العذاب الشديد والعياذ بالله.
(يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )
فتعال يا أخي نتفكر سويا في اليوم الآخر وما فيه من أحداث ومشاهد يشيب لها الولدان.
تعالوا بنا نتفكر بيوم النفخ في الصور الذي لا أنساب بين الناس ولا أحد يعرف أحد كل يقول نفسي نفسي (فإذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) لنتفكر في البعث والنشور والعرض على الجبار للحساب والسؤال عن القليل والكثير ونصب الميزان لمعرفة المقادير وتحديد المصير واجتياز الصراط للفوز بجنات النعيم.
أيها الناس جميعا أنا لا أستطيع أن أتناول كل هذه المشاهد من خلال مقال واحد أو أكثر ولكن يجب علينا أن نتدبر ونستعد لهذا اليوم الآخر حتى يزيد من إيماننا واهتمامنا لتعظيم هذا اليوم.
(يوم يقوم الناس لرب العالمين) (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم) (يوم لا تغنى نفس عن نفس شيئا والأمر يومئذ لله).
تصور نفسك يا أخي بأنك واقف بين يدين الله عز وجل يسألك عن كل فعل وقول صدر منك صغر أم كبر, بقوله تعالى (يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) لا إنكار ولا اعتذار ولا تهّرب ولا مفر من الله إلا إليه (قل إن الموت الذي تفرون منه فانه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون) .
ويقول صلى الله عليه وسلم' يمر الناس على جسر جهنم وعليه حسك وكلاليب وخطاطيف يختطف الناس يمينا وشمالا وعلى جنبيه ملائكة يقولون : اللهم سلم اللهم سلم . إلى آخر الحديث وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الرحمين نسأل الله أن يرحم موتانا وموتا والمسلمين والمؤمنين وأن يجعلنا جميعا من المعتبرين. آمين ..آمين