ـ لماذا جاءت رايس؟
ـ لأنها لابد أن تأتي!
ـ لماذا أوقف الفلسطينيون المفاوضات النهائية؟
ـ لأنها في العلن لم تبدأ أصلاً!
ـ لماذا يعلن باراك تجميد الاستيطان؟
ـ لأنه لا يستطيع وقفه نهائياً!
سلسلة لا تنقطع من الأسئلة التي تثير الغليان المر حقاً، وتجعل حياتنا دوامة من تواريخ الصبر الذي قد نعرف له بداية ولا نعرف له نهاية.
ما فعله المفاوض الفلسطيني في هذا العقد لم يحدث في تاريخ التفاوض، سواء كان التفاوض لبيع الأوطان أو بيع البندورة! وليس هناك نظرية سياسية أو إدارية في العالم تستطيع تفسير ما حدث خارج دائرة الجنون أو العبث. ولعلنا نجد في الحكاية الشعبية التي تروى للأطفال شيئاً يعيننا على فهم واستيعاب ما جرى.
يروى أن ذئباً أصيب بجرح عميق فجلس في مخبئه حتى كاد الجوع والعطش يهلكه. وبينما هو في هذه الحالة، مر إلى جانبه خروف سمين، فنادى الذئب عليه وطلب إليه أن يأتيه بشيء من الماء من جدول قريب منه، وأنه إذا حصل على الماء فلن يعجز الحصول على اللحم فأجابه الخروف: إذا كان عليّ أن آتيك بالماء، فإنك بلا شك، ستجعلني اللحم الذي تريد!
على مدار أكثر من ست سنوات من الانتفاضة، كان الذئب اليهودي الضاري يئن من جراحاته التي أثخن بها أطفال الحجارة جسده المصفح بالسلاح النووي.. ثم كانت الكارثة، وعثر الذئب على من يداوي جراحه وينزع خنجر الانتفاضة من خاصرته!
وحين نسأل عن الثمن والمكافأة التي سيجنيها منقذو الذئب نجد الإجابة، مرة أخرى، في الحكاية الشعبية التي تصف بشكل أبلغ حقيقة ما جرى. «تناول ثعلب طعامه فعلقت عظمة في حلقه، فسمع الديك أنينه فجاءه وساعده في إخراج العظمة مقابل وعد بمكافأة. فلما أنجز الديك مهمته طلب المكافأة، فقال له الثعلب: أولا يكفيك أنك أدخلت رأسك في فمي وأخرجته سالماً؟!».
بعد ست سنوات من العمل الدؤوب لنزع العظمة من حلق الثعلب، يصرخ الديك بين يدي «سيدة الثعالب والذئاب» مطالباً بالمكافأة، لكن جواب الثعلب لا يخرج عما هو في الحكاية!
والأسوأ من ذلك، أو هذا الديك الأحمق الذي اشتغل على افتراض حسن النية في عدوه التاريخي، الثعلب، ومن فرط وسرعة تنازله عن حقه بما يسيل لعاب الثعلب نحوه ويزيد طمعه فيه، سيواجه حتماً المصير الذي خشيه الخروف ويصبح هو اللحم والوجبة الشهية للثعلب.
الجديد في الأمر أن الثعلب هذه المرة سيأكل بهدوء وبطئ، بحيث لا تعلق عظمة في حلقه. لقد تم تكسير وتدمير كل العوامل التي تثير هلعه ورعبه، والفضل الكبير في ذلك هو لعمنا الديك! فسيتناول الثعلب وجبته الجديدة آمناً ومطمئناً، وسيقدم خدمة جديدة للإنسانية بإضافة حكاية جديدة لفلكلور الشعوب المقهورة و«ديوكها» الغبية. هذا ما تتمناه وتسعى له «سيدة الثعالب» في جولتها الحالية، لكن الأيام والتواريخ ستثبت أن هذا لن يحدث بإذن الله. فليس شعبنا، شعب الشهداء، وليس أمتنا التي ينساب اسمها في عبق التاريخ من رحيق بدر وعين جالوت، ليسوا من يقبلون بأن يصبحوا حكاية في تاريخ البشرية عنوانها «أجهل من خروف وأحمق من ديك»..!