من النكبة
الى الانتفاضةكان
الفلسطينيون الخاسرين الأوائل في حرب 1948 وقد طردوا بأعداد كبيرة من اأاراضي التي
احتلتها اسرائيل. وفي العام 1967 احتلت اسرائيل أيضا الضفة الغربية وقطاع غزة وراحت
تبني فيهما المستوطنات. ولكن الاعتراف الدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية وانطلاق
الانتفاضة عام 1987 قد أديا إلى زعزعة هذا الوضع القائم.ترافقت
ولادة دولة اسرائيل التي كانت تعد 630 ألفا من اليهود في 14 أيار/مايو 1948 مع
اقصاء القسم الأكبر من الفلسطينيين: إنها النكبة. وبعد مرور عامين أحصت منظمة غوث
اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مليون فلسطيني بين الأردن وغزة ولبنان وسوريا. أما
الدولة العربية الموعودة في مشروع التقسيم بتاريخ 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947 فوق
الـ 45 في المئة من أراضي فلسطين فإنها لم تبصر النور: ومن أصل الـ 22 في المئة
التي لم تحتلها اسرائيل، عمد الأردن إلى ضم الضفة الغربية والقدس الشرقية بينما
سيطرت مصر على قطاع غزة. ولم تسعَ هاتان الدولتان إلى خلق كيان فلسطيني مستقل
فيها.
تسارع
الاستيطانفي حزيران/يونيو 1967، وإضافة إلى سيناء والجولان، استكملت
اسرائيل احتلال فلسطين. وابتداءا من تموز/يوليو، أقيمت هناك أولى المستوطنات، في
غور الاردن بدايةً، عملا بمشروع نائب رئيس الوزراء العمالي ايغال ألون. وبعد العام
1974 لم يعد حزب "غوش ايمونيم" يتردد في تأسيس مواقع استيطانية في المناطق ذات
الكثافة السكانية العربية وذلك بموافقة الحكومة الإسرائيلية.
عام 1977
كان هناك 5 آلاف مستوطن يقيمون في الأراضي المحتلة لكن 50 ألفا استوطنوا في القدس
الشرقية التي أعلنت اسرائيل ضمها. بيد أن وصول حزب الليكود إلى السلطة سرّع من حركة
الاستيطان عن طريق المساعدات الحكومية في عهدي مناحيم بيغن واسحاق شامير مما أضاف
40 الف مستوطنا خلال سبع سنوات في الضفة وغزة. وعشية اتفاقية اوسلو بلغ عددهم 100
ألف في 140 مستوطنة إضافة إلى 180 ألفا في القدس العربية.
لم تقتصر
السياسة الاسرائيلية على الاستيطان، فقوات الاحتلال التي أهملت البنى التحتية
الضرورية للحياة اليومية للفلسطينيين استثمرت ايضا قوة عملهم ومواردهم بدءا بالماء،
كما كانت تبيعهم المنتجات الاستهلاكية. لكن المقاومة بدأت تتنظم رغم القمع وبعد فشل
انشاء الحركات المسلحة (1967ـ 1971) بدأ تصاعد المقاومة السياسية التي توحدت في
الجبهة الوطنية الفلسطينية (1973).
تأسست منظمة
التحرير الفلسطينية عام 1964 وترأسها عام 1969 ياسر عرفات إلى جانب منظمات
الفدائيين التي نشأت في مخيمات اللاجئين. وقد أقامت قيادة المنظمة في الأردن ثم
طردت منه بين 1970 و1971 إثر مجازر أيلول الاسود، فلجأت إلى لبنان. ومن ثم اعترف
بها العالم العربي ابتداء من 1974 على أنها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الغلسطيني.
ودعي عرفات في العام نفسه للخطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. لكن المنظمة
انجرت إلى الحرب الأهلية اللبنانية في العام التالي واضطرت في العام 1982 إلى
مغادرة بيروت التي حاصرها الجيش الاسرائيلي. وقد دفعت هذه المحن المتتالية القيادة
الفلسطينية إلى البحث عن حل تفاوضي يقوم على وجود دولة فلسطينية إلى جانب
اسرائيل.
زعزعة الوضع القائم انطلقت
أول انتفاضة شعبية فلسطينية عام 1987 مما شكل دخولا لفلسطينيي الداخل إلى مسرح
الأحداث السياسية والديبلوماسية. وقد شكلت هذه الانتفاضة حركة جماهيرية مصممة ولكن
غير مسلحة دخلت في سياقها مختلف القوى الفلسطينية بمن فيها الاسلاميون الذين انشأوا
حركة حماس. ونجحت "ثورة الحجارة" في زعزعة وضع الاحتلال القائم: إذ عجز الجنرال
اسحق رابين الذي دعا الى "كسر عظام" الفلسطينيين عن انهائها كما تخلى الملك حسين عن
الضفة التي كان جده قد ضمها إلى الاردن، واكتشف الرأي العام العالمي القضية
الفلسطينية. وفرضت العملية التفاوضية نفسها ووافقت منظمة التحرير الفلسطينية على
شروط التفاوض في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، فاعترف المجلس الوطني الفلسطيني
بالدولة الاسرائيلية في الوقت الذي أعلن فيه عن قيام دولة فلسطين.
لكن الحوار
الاميركي ـ الفلسطيني تعثر حيث رفضت اسرائيل الانضمام إلى المفاوضات التي اقترحها
جورج شولتز وجيمس بيكر من بعده. لكن السياسة في الشرق الاوسط تخشى الفراغ واستغل
صدام حسين المأزق ليجتاح الكويت مما أعطى الولايات المتحدة فرصة للتدخل الواسع في
المنطقة. وبعد ثمانية اشهر على حرب الخليج أي في 30 تشرين الاول/اكتوبر 1991 جلس
المندوبون الاسرائيليون في مدريد إلى جانب الوفود العربية بمن فيها الفلسطينيون (في
وفد مشترك مع الأردنيين). وبالنسبة إلى أغلب المراقبين فإن الطريق مع ما يكتنفه من
عقبات لا بد أن يقود أخيرا إلى حل يقوم على تعايش دولتين اسرائيلية
وفلسطينية.