أكد الشيخ كمال الخطيب (نائب رئيس الحركة الإسلامية) أن هناك مخاطر حقيقة تهدد المسجد الأقصى المبارك بعد كشف الحركة الإسلامية ومؤسسة الأقصى بناء كنيس يهودي و7 حجرات للصلاة ومتحف في الحفريات التي تتم أسفل الأقصى ، وأن الأمر يزداد خطورة في ظل اعتزام الحكومة الجديدة التي أفرزتها انتخابات الكنيست الأخيرة وضع حدود نهائية للدولة الصهيونية ، بل وقناعة كل الأحزاب "الإسرائيلية" بأهمية تفريغ أرض فلسطين المحتلة عام 48 من العرب عبر استبدالهم بأرض محتلة أخري عام 1967 .
وقال الشيخ الخطيب - في حوار مع (المسلم) من القاهرة خلال زيارته الأخيرة مع وفد من فلسطينيي الداخل للتوعية بالمخاطر التي تحدق بالأقصى - أن مستقبل القدس في ظل الحزب الجديد (كاديما) برئاسة أولمرت، خليفة شارون هو "مستقبل خطير جدًا " .
وقلل الشيخ الخطيب –الذي يقاطع جناحه الشمالي للحركة الإسلامية في أرض 48 دائماً انتخابات الكنيست- من دخول عضوين من أعضاء الحركة الإسلامية (الجناح الجنوبي) الكنيست ، وفوز عشرة من العرب في الانتخابات الأخيرة للكنيست ، مؤكدا أن نواب الكنيست العرب غالبا يكونوا "مراسيل" ، ويصعب عليهم تغيير الواقع بسبب سيطرة الأحزاب الصهيونية علي الحياة السياسية .
وأشار إلى أن 60 عضو كنيست عربي دخلوا الكنيست حتى الآن منذ المشاركة فيه ، ولكن آثار هؤلاء علي مجريات العمل السياسي "الإسرائيلية" آثار باهتة وبائسة , وأن العيب ليس في نواب الكنيست العرب ، وإنما في عنصرية وديكتاتورية الدولة الصهيونية .
س : هل تتوقعون تداعيات وتأثيرات أكبر لانتخابات الكنيست الأخيرة رقم 17 على المسجد الأقصى، وعلى فلسطيني الأرض المحتلة 48، خصوصًا أن هذا الكنيست (الحالي) ربما يحدد لأول مرة حدود الدولة الصهيونية، كما يقول (رئيس الوزراء الصهيوني) أيهود اولمرت في غضون عام 2010 والتي ستضم القدس وتعطي فلسطينيي 48 بأراضي من فلسطين 67 ؟
ج : قد يكون هناك تباين (اختلاف) ظاهر بين الأحزاب السياسية "الإسرائيلية" التي فازت في الانتخابات الأخيرة في قضايا معينة، ولكن الحقيقة أن هناك إجماع بين كل هؤلاء على أن القدس الموحدة هي عاصمة " إسرائيل " الأبدية، بمعنى لو اختلفوا في برامج اقتصادية .. برامجهم الاجتماعية.. برامجهم التعليمية.. إن اختلفوا في ذلك ، فهم ليسوا مختلفين في التعاطي مع ملف القدس الذي يجمعون كلهم على أنه غير قابل للمفاوضات، هذا يعني أن مستقبل القدس إذن مستقبل خطير جدًا، خاصة إذا أضيف إليه طرح الحزب الجديد (كاديما) برئاسة أولمرت، خليفة شارون مشروع التقسيم الجديد وتحديد حدود " إسرائيل "للمرة الأولى، وهذا واضح الآن عبر سلخ عدد من أحياء القدس العربية وضمها إلى الضفة الغربية حتى يتم تقليل عدد السكان الفلسطينيين لحساب أكثرية يهودية، والمعلومات الفلسطينية تشير إلى وجود ثلاثمائة وثمانية آلاف فلسطيني داخل القدس العربية، في حين أن الإحصاءات "الإسرائيلية" تقول أنهم الآن مائتين وأربعين آلف فقط في ظل سلخ عدد من هذه الأحياء العربية ، حتى تصبح نسبة الفلسطينيين أقل بكثير مما هي عليه الآن، وهذا طبعا في النهاية يقود إلى تنفيذ السياسات "الإسرائيلية" داخل مدينة القدس، فقضية القدس خطيرة وخطيرة جدًا تهدف فعلا إلى الاعتداء على القدس الإنسان، والقدس المكان، والقدس التاريخ ، والأمر نفسه يؤثر علي فلسطينيي الداخل فهناك مشروع لتهويد فلسطين 48 ومناطق النقب والجليل بدأ تنفيذه في 17/3/1998 علي يد شيمون بيريز ومازال مستمراً، وهذا يشكل خطراً كبيراً على مستقبل فلسطينيي 48.
س : تطرح " إسرائيل "فكرة استبدال أرضكم المحتلة في 48 بأراضٍ محتلة أخرى عام 67 مع السلطة الفلسطينية خصوصا مناطق النقب والجليل .. هل ترون أن هذا التبادل وارد أو اقترب، خصوصاً في ظل خطة أولمرت الخاصة بتحديد حدود الدولة الصهيونية ؟
ج: هذا المشروع ما زال مطروحا على الأجندة السياسية للأحزاب "الإسرائيلية" وربما يكون قضية الحكومة "الإسرائيلية" القادمة ، وهو يتلخص في تبديل منطقة المثلث ( مساحة أرض تبدأ من مدينة أم الفحم في الشمال حتى مدينة الطيبة في الجنوب ) بعدد من المستوطنات اليهودية والتجمعات اليهودية الكبرى في منطقة الضفة الغربية ، والهدف هو تفريغ فلسطيني الداخل وإجلاء أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في الداخل والتخلص أيضا من الحركة الإسلامية في المنطقة المشار إليها.
والملفت هنا أنه حتى حزب ما يسمى " إسرائيل بيتنا "وهو حزب المتطرف أفيجدور ليبرمان ويبدو الذي يغازل حزب "كاديما " وربما يشارك في الحكومة له أجندة تتمثل في التضييق تحديدا علينا نحن فلسطينيي الداخل إلي حد التهديد بتهجيرنا إما بالقوة أو من خلال الإغراءات المادية، لذلك أنا أعد أن المرحلة التي نعيشها هي مرحلة تحمل في طياتها الكثير من معاني المخاطر التي تهدد وجودنا بصفتنا فلسطينيين .
س: شاركت الحركة الإسلامية المنافسة لكم (الجناح الجنوبي) بزعامة الشيخ صرصور في انتخابات الكنيست الأخيرة وحصلت قائمتها الموحدة على أربعة مقاعد وفازت الأحزاب العربية عموما بعشرة مقاعد.. هل هذه النتائج تعبر عن فلسطينيي الداخل أم أن الأكثرية لا تزال تقاطع ؟
ج : انتخابات الكنيست تتميز غالبا بمقاطعة عربية لفلسطيني الداخل، وهذا العام تميزت بمقاطعة 44 %من فلسطيني الداخل للانتخابات وهذا يشير بشكل واضح إلي زيادة يأس وقنوط الفلسطينيين من دعاوي الديمقراطية المزيفة التي تطرحها "إسرائيل" ، ومع هذا فمن فازوا سابقا لم يظهر لدخولهم الكنيست آثارا هامة ، فمنذ عام 48 إلي الآن وصل عدد أعضاء الكنيست العربي علي 60 عضو كنيست لكن آثار هؤلاء على مجريات العمل السياسي "الإسرائيلي" آثار باهتة وبائسة , صحيح أن أعضاء الكنيست العرب هذه المرة زادوا عضويين اثنين (عن الانتخابات السابقة) لكن هناك غياب لأي مشروع حقيقي لهم .
وفي تقديري أن العيب ليس في نواب الكنيست العرب ، وإنما في "إسرائيل" العنصرية و"إسرائيل" الدكتاتورية و" إسرائيل" التي تجعل العرب على هامش الحضور السياسي وفي النظام الانتخابي الذي يجعل العرب على هامش الحياة السياسية ، والمهم هو العمل الجماهيري والشعبي الذي مكن فلسطينيي الداخل من الحفاظ علي المقدسات ومنع تهويدها ومنع الاستيلاء على مقابر ومراكز عربية أخرى .
س: نعلم أن هناك انقسام في الحركة الإسلامية بين جناحكم الشمالي والجناح الجنوبي الذي أدخل عضوين له الكنيست هذه المرة .. كيف ستتعاملون مع أعضاء الكنيست الإسلاميين والشيخ صرصور؟ وهل تستمر المقاطعة بينكم ؟
ج : سنتعامل مع الشيخ صرصور وأعضاء الكنيست من الحركة الإسلامية كما نتعامل مع كل أعضاء الكنيست العربي .. نحن نسعى إلى أن نلتقي علي قواسم مشتركة لخدمة أهلنا وشعبنا ، ولكن قناعتنا في الحركة الإسلامية هي أن العمل من خارج البرلمان (الكنيست) هو السبيل الأفضل لتحقيق مصالحنا .
س : ولكن هناك انتقادات توجه للجناح الشمالي من الحركة الإسلامية أنه اكتفي بالوقوف موقف سلبي من المشاركة في الانتخابات ما أثر علي حجم المشاركة العربية في حين أنه لو دعا للتصويت للجناح الجنوبي ولكل المرشحين العرب لربما زادت عدد المقاعد العربية في الكنيست خصوصا أن نسبة العرب 20% من سكان الدولة الصهيونية ويفترض فوزهم بـ 20 مقعداً ؟
ج: المشكلة ليست وصول عدد كبير من النواب العرب للكنيست ، وسواء زاد الحضور أم قل ، فسيبقى الوجود العربي هامشيا، ولن يعدو دور أعضاء الكنيست العرب عن كونهم "مراسيل" لهذه العاصمة أو المدينة أو تلك، والحركة الإسلامية لن تقبل بذلك؛ لأن دورها الأساسي هو العمل الشعبي والأهلي من أجل الحفاظ علي هوية أراضي 48 الإسلامية والحفاظ علي مقدساتها وليس حشد الدعم خلف كرسي الكنيست .
س: سمعنا أن هناك خططاً صهيونية جديدة كشفتها مؤسسة الأقصى والحركة الإسلامية لبناء كنيس يهودي وبناء غرف لصلاة اليهود أسفل المسجد الأقصى تمهيدا لبناء الهيكل .. ما هي تفاصيل هذه الاكتشافات ؟
ج: أعمال الحفر -التي تم الكشف عنها بالصور من خلال أحد أعضاء الحركة الإسلامية دخل موقع الحفريات في زي سائح وصور الحفريات بكاميرا صامتة- تتم على مسافة 97 متراً فقط عن مركز قبة الصخرة وعلى عمق 15 متراً أسفل محيط الأقصى من الجهة الغربية جهة حائط البراق ، والحفريات تهدف للوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وهناك شريط فيديو يصور كل مراحل الحفريات التي تحدث، وما يميز أعمال الحفر هذه أن اليهود استخدموا فيها حوامض كيماوية -لا معدات وتقنيات- توضع على التراب والصخور حتى تحدث عملية تفتيت وتحليل لها وبالتالي يسهل عملية الانتقال من موقع إلى آخر!.
وهذه المواد الكيماوية آثارها سلبية؛ لأنه عبر الرطوبة وعبر مياه الآبار تصل الكيماويات إلى أعمدة وأساسات المسجد الأقصى المبارك؛ الأمر الذي يشكل خطراً بالغاً ظهر بشكل واضح عبر تصدعات في جدران المسجد الأقصى المبارك، وعبر ما حصل في فبراير 2004 عندما سقط الطريق الشهير (طريق باب المغاربة) التاريخي الذي انهار كله بسبب أعمال حفر تحته.
وهناك وثائق وتقارير وصور حديثة تؤكد بناء "كنيس جديد" و7 حجرات للصلاة للرجال والنساء اليهود ومتحف أسفل باحات الأقصى، إذ أن مصممين يهود أقاموا بالفعل ما سمي "مشروع قافلة الأجيال" أسفل المسجد الأقصى في مناطق الحفريات عند الجدار الغربي للأقصى (ساحة البراق)، وهذا المتحف يضم 7 غرف أسفل محيط المسجد الأقصى المبارك تشرح للأجيال اليهودية -حسب ادعاءاتهم- تاريخ الشعب اليهودي.
وآخر ما تم الكشف عنه بالدليل القاطع هو "وجود كنيس مستحدث تحت المسجد الأقصى المبارك، وهذا الكنيس يؤمه المصلون اليهود، إضافة إلى الغرف السبعة التي بناها أحد المصممين اليهود ويدعى "إلياف نحليئيلي"، غير كشف سراديب وأنفاق وبوابات حديدية مقفلة وخلفها تجرى الحفريات التي لا يعلم لها طول ولا عرض ولا عمق والمخفي أكبر وأعظم ومستقبل القدس في خطر .