موضوع: ماهو موقعنا من الإعراب يا هودلي بقلم الأسيرة أحلام التميمي الأربعاء أبريل 09, 2008 11:07 pm
ما هو موقعنا من الإعراب يا هودلي .. فاعل أم مفعول به؟
بقلم الأسيرة : أحلام التميمي . سجن الشارون
رغم شحّ عدد الكتب الراكدة دون حراك في مكتبة قسم الأسيرات الأمنيات في سجن الشارون ورغم إصرار السّجان على تجويع فكرنا ومصادرة غذائه الثقافي الوحيد ، ورغم حاجتنا الشديدة للإطلاع على تجارب الأسرى القدامى الاعتقالية . رغم كل هذا وذاك استطعنا أن نكسر الحصار ونباغت السجان أثناء سكرته المعهودة وأدخلنا بضع كتب معدودة لكتّاب فلسطينيين لهم تجربة في الأسر دوّنوها نقشا وطنيا صارخا مدويا في كل ثغر . من بين هذه الكتب وقع بين يديّ بضع كتابات قليلة للكاتب المعروف "الأسير المحرر وليد الهودلي " الذي أبدع في وصف التجربة الاعتقالية بأسلوب روائي مميز يتناول فيه مراحل الاعتقال بدقة متناهية أجزم أن قارئها بتركيز لو تعرض إلى أي اعتقال سيتجاوز بنجاح نسبيّ ممتاز وخسائر قليلة . هذا هو وليد الهودلي لم ينجل على المجتمع بنتاج أدبيّ مستوحى من صلب معاناته الاعتقالية ومعاناة رفقائه ، وما زال حتى الآن متدفق العطاء .أنا لا اعرف وليد الهودلي إلا من خلال كتاباته القليلة التي وقعت بين يدي بعد أن تجاوزت دوائر الرقابة الإسرائيلية في الوصول . وقد استوقفني له روايتي " الشعاع القادم من الجنوب ورواية ستائر العتمة " ولكن ليس السبب هو السرد الروائي لتجربة الأسير اللبناني المحرر إسماعيل الزين في الأولى أو بسبب رحلة التحقيق التي تعرض لها عامر احد المعتقلين للمرة الثانية في أقبية زنازين المسكوبية والذي يملك خبرة أمنية قوية إلا انه وقع رغم هذه الخبرة في شباك الاعتقال وأراد أن يجتاز فترة التحقيق دون أي اعتراف في الثانية .ليس السبب هذه ولا ذاك وإنما السبب يكمن وراء تعجبي الشديد من اختلاف الواقع الذي تحياه الأسيرات في تجارب اعتقالهن عن ما ورد ذكره في هاتين الروايتين للهودلي . ففي الوقت الذي تُهزم فيه زنازين المسكوبية أمام صمود عامر بطل رواية ستائر العتمة دون أن يعترف بأدنى معلومة مقرراً منذ اللحظة الأولى أن تكون الزنزانة متعة للروح والخلود مع الله وتركيز للأفكار هي في واقع الأسيرات المعتقلات قبواً خانقاً يجب أن تخرج منه بأسرع وقت مقابل أي شيء فتراها تتقدم بأسرع اعتراف دون أدنى جهد من المحققين معها بعد إغراءها أن فترة بقائها في السجن لن تكون طويلة أن اعترفت سريعا . وتنطلي عليها الكذبة ويكون هدفها الأول الخروج من هذا القبو سريعا فتقدم ما عندها وتنتقل إلى مفاجأة السجن الكبيرة . إضافة إلى جملة إغراءات أخرى إما تقديم مكالمة عائلية وغالبا ما توافق عليها الأسيرة لتوقها الكبير إلى سماع صوت الأهل والأحبة ،وإما بمقابلة احد أفراد العائلة المعتقلين خاصة وان كان زوجا أو أخا أو ابنا .وقد يرتفع العرض إلى إعادة الأسيرة إلى مكان إقامتها مقابل تزويدهم ببعض المعلومات والتي في نظرها تكون بسيطة إما في نظرهم تكون غالية وثمينة . وعروض أخرى لا تساوي عند الله جناح بعوضة مقابل أعظم جزاء رباني سيقدم للعبد في جنات النعيم لو انه يستقيم ويصبر مثلما فعل عامر عندما عُرض عليه الإبعاد إلى الأردن بدل السجن مقابل الاعتراف ولكنه اتبع النصيحة القائلة ( لا تتكلم ولو كان أبوك ) وما خاب من اتبع هذه المقولة لا تملك اغلب الأسيرات خبرة في التحقيق والأسباب وراء ذلك كثيرة أولا : عدم الإطلاع المسبق قبل الاعتقال على أساليب التحقيق المتبعة قديما وحديثا بل وعدم توقع المرأة أن تعتقل اصلا فهي في اغلب الأحيان تكون على ثقة واهية أنها ستنجح في مهمتها وعندما يتم اعتقالها تفاجئ فتنهار تماما .إما النسبة القليلة من النساء اللواتي يملكن خبرة في التحقيق في الأصل تم اعتقالهن أكثر من مرة وقررن أن يكنّ مثل عامر في الصمود والثبات وفعلا هزأن من الزنزانة والمحقق وخرجن بسلام دون أي اعتراف ولكن تشابهن مع عامر تماما الذي وجد بعد نقله إلى السجن ومراجعته هو ورفقاء خليته لمراحل العملية أن هناك خر وقات أمنية كثيرة لم ينتبهوا لها أثناء إنجاز العملية كانت السبب في اعتقالهم رغم ظنهم المسبق أن العملية كانت محكمة التخطيط .وهنا أود أن أؤيد الهودلي في روايته أن الخروقات الأمنية وعدم التخطيط السليم عند كل الخلايا هي السبب الرئيسي وراء الاعتقال في كل مرة حتى لو كان العنصر دقيق التركيز إلا أنه لن يضمن نباهة غيره وبالتالي يطبّق عليه "قانون تامير" فيحاكم على اعترافات الغير أو بتقرير سريّ يجعله أسير السجن لسنوات طويلة ثانياً : نجاح أسلوب زرع العملاء داخل الزنازين فترة التحقيق في نزع الاعترافات بأسهل طريقة فحاجة الأسير أو الأسيرة للتكلم وفضفضة القلب للغير بسبب الوحدة في الزنزانة تجعله ضحية أول حديث لعصفور يزوره في الزنزانة ولأن المرأة وخصوصية اللسان الطلق في الحديث هي فطرة الله التي فطرها عليها نجدها السبّاقة في الحديث مع العصفورة وليس العكس ولذلك نجحت أم محمود وأم عبد الله وسائدة وأم محمد وهي ألقاب لعصفورات الزنازين نقل معلومات من الأسيرات دون الجهد في انتزاعه .وما أحوجنا إلى أمثال عامر الذي التزم الصمت مع أول عصفور زاره في الزنزانة وكان قد اعتلى الألم والحزن وجهه وتقمص دوراً بارعاً بدعوته هو لعامر أن يلتزم الصمت وكأنه مجاهد شريف وليس عصفور حتى كان عامر يصدق لو لا ان رأى برهان ربه في آخر لحظة رغم احترافه الكبير ونجى عامر من شباكه وعاد العصفور الى مستعبد به بخفيّ حنين . لم يعد العدو الإسرائيلي بحاجة إلى جهد عظيم في انتزاع المعلومات سواء للاعتقال أو للاغتيال أو للتحقيق فهو يدرك تماما أن زرع العملاء في كل مكان داخل فلسطين وخارجها هو الطريق الامثل والأقصر والأقل خسائر لهم .وولاء العملاء مع العدو ونجاح مهامهم هو خير دليل رغم أنهم في نهاية المطاف يُكشَفون ويعلمون أن طريقهم هذا هو طريق الندامة والموت الحتميّ إلا أنهم لا يصلون الى هذه النتيجة الا بعد ان يكونوا قد قدّموا الأرواح رخيصة للعدو والمعلومات الثمينة . فرغم براعة أشهر جاسوسة عربية للموساد الإسرائيلي الأردنية "أمينة المفتي" المعروفة إسرائيليا باسم "آنّى موشيه" والتي استطاعت عام 1973 اختراق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان ومكتب ياسر عرفات شخصياً ورئيس جهاز مخابراته –علي حسن سلامة- وقتها والملقب بالأمير الأحمر لأنه بطل عملية "ميونخ" التي قتل فيها احد عشر إسرائيليا بعد أن تعلّمت أساليب التجسس المختلفة من تصوير وتشفير وتلقط أخبار والتزام بحسٍ أمني عالٍ إلا أنها سقطت في فخ رجال المنظمة بعد أن كبدتهم خسائر هائلة وتسببت في إفشال عمليات عديدة لحركة فتح ولم يستطيعو اكتشافها سريعاً لأنها كانت تلعب دور طبيبة متطوعة دخلت مكتب عرفات ذاته وأوكلها "أبو إياد .صلاح خلف" الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس أجهزة الأمن ومسؤل عن وحدات فتح العلنية والسرية وقتها إلقاء خطبة حماسية كفاحية في الجنود المعسكرين التابعين للحركة آنذاك .فألقاها وكانت تحمل في حقيبتها جهاز تجسس بجواره مصحف انتزع من صفحاته عدد واستبدل مكانها صفحات تحمل رموزا تشفيرية خاصة لتوصيل المعلومات . أبدعت أمينة المفتي في كل ذلك مقابل 60 ألف شيكلا واسم مدرج على لوحة شرف أصدقاء الموساد حسب تعبيرهم وحماية سلطات الأمن الداخلي –الشين بيت- إلا أن كل ذلك لم يثنيها عن الاعتراف في مذكراتها التي ترجمها الكاتب فريد الفالوجي في كتابه قائلة " ندمت وصرخت في وجه ضابط الموساد بذلك فأبوا أن ينصتوا لي اعتقدوا بأنني أهذي لفرط توتري .لكنني أكدتها مرات ومرات ونطقت الشهادتين أمامهم فما صدقوني " .. إذن أساليب العملاء تطورت وأصبحوا لا يُكشَفون إلا بعد أن يكونوا قد أبلو بلاءً لا يحمدون عليه .وعلينا أمام ذلك أن نحذرهم اشدّ حذر من العدو نفسه لأنهم يتواجدون في البيت والشارع والزقاق والزنزانة والتنظيم وعلى الكراسي المنصيّة يرتدون البدل الرسمية وغير الرسمية وباتت مهمة كشفهم صعبة فهم كالسُّم ضرب عروق الوطن فشلّ حركته . ويظل أعظم رقيب عليهم قائم يعذبهم كل ليلة وكل دقيقة انه الضمير الذي مهما حاولوا قتله يظل حياً بفعل الحي الذي لا ينام ويعلم ما يبدون وما يكتمون . ثالثا: تقصير ذوي الخبرات الاعتقالية في النصح والإرشاد والتوعية ،فقلّة هم من يجودون على الشعب بسرد تجاربهم وكثير هم من يعودون إلى حياتهم الاجتماعية معتقدين أن كل نصيحة مقدمة ستعود بهم إلى غياهب الأسر فيصمتون غير آبهين بمن سلكوا ذات دربهم فابتلعهم الأسر في جوفه بأسهل الطرق .لذلك كان إسماعيل الزين احد مجاهدي المقامة الإسلامية اللبنانية والذي أمضى في السجن ثلاثة عشر عاماً من الرافضين احتكار تجربته .فجاد بها على الشعب الفلسطيني حتى يستفيد منها كل راغب .وقد سرد لنا الكاتب وليد الهودلي تجربته في رواية " الشعاع القادم من الجنوب" وأبرز جانب الصمود والصبر الذي تحلى به الزين في مرحلة التحقيق رغم انه كان مصاباً في الحرب وما زادته هذه الإصابة إلا ثباتاً. وجاء أسلوب الهودلي مبدعا وخاصا في ذات الوقت إذ أنه استخدم أسلوب التدعيم بواسطة الآيات القرآنية حسب كل موقف كان يمر به إسماعيل الزين في التحقيق .فحوّل عروضات الإغراء التي تعرض على الأسير فترة التحقيق وخاصة عرض التعامل مع العدو فقد ذكر الهودلي عاقبة هذا الأمر من خلال قوله تعالى " ومن يتولهم منكم فإنه منهم" فأسلوب الاستعانة بالآيات القرآنية من الأساليب التي تميز الهودلي باستخدامها في كتاباته بغية التأكيد على وجهة النظر الإسلامية في كل مرحلة جهادية وبغية تقديم النصيحة الغير مباشرة من الكاتب ذاته لعموم القارئين وفي هذه الرواية بالتحديد توقفت عند مرحلة السجن وتجربة إسماعيل الزين داخل دهاليز السجن ومع قاطنيه أعينهم .وكيفية تعامله مع المحيط الجديد وتعامل المحيط معه .هذا المحيط الذي كان عبارة عن لفيف من تجمع لشتى التوجهات الفصائلية والطائفية والمذهبية ذات التقسيمات التي عليها الأسيرات ولكن جانب التقسيم الفصائلي هو الأساس فلم تمر بديارنا من الطوائف سوى واحدة رحلت عنا قبل زمن ليس بالبعيد نسبياً لذلك كانت التقسيمات عند الأسيرات حتى الآن على أساس فصائلي من جهة وحسب المناطق أيضاً .فللنابلسيات تجمع وللجنينيات تجمع مثلاً .مزيج التناقضات في العلاقة يتغير ويتقلب تبعاً للأهواء والمصالح الظرفية . وفي الوقت الذي قطعت فيه السجون مرحلة طويلة منذ السبعينات وحتى الآن في تأسيس نظام حياة مشترك ومدروس ما زالت الأسيرات في مرحلة خلاف حول كيفية النظام الواجب وجوده في الأسر حتى تنظم الحياة وفق تجارب السابقين من الأسرى ولعل السبب في عدم استقرار حياة الأسيرات داخل الأسر واستمرار الخلافات الدائمة يعود إلى سببين الأول : تقصير السجون في نقل تجربتهم إلى الأسيرات وعدم اكتراثهم لاستمرار الخلافات الدائمة الدائرة بينهم مما أدى أن تصبح المناكفات الدائمة والصراعات جزء أساسي ومميز لعلاقة الأسيرات المتبادلة فأصبحن بذلك ضحية صمت الأسرى واحتكارهم لتجربتهم الداخلية سواء العامة او الفصائلية لهم فهل هو صمت مقصود ام غير ذلك؟ الثاني : اختلاف عقلية المرأة عن الرجل في القيادة فنسبة المنافسة بين النساء أكبر منها بين الرجال في السجون وخارجها .ففي الوقت الذي تجاوز فيه الرجال حالات الصراع الدائم على منصب تمثيل الأسرى وسيطرة الفصيل الأكبر ما زالت الأسيرات يصارعن باستماتة من اجل الركض وراء منصب واهي لا يغني ولا يسمن من جوع وما زادهن هذا الصراع إلا بعداً عن كل ما يَسمو بالفرد فكريا أو دينيا أو معنويا .وان سألت عن السبب يلقين بالتهمة على الغير علما أن السبب الرئيسي هو ما وراء قول الشافعي نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ونهجوا ذا الزمان بغير ذنبٍ ولو نطق الزمان لنا عجانا فشلت المرأة في الأسر إعطاء صورة متقدمة عن المرأة الأسيرة المسلمة القادرة على صناعة نظام حياتي حقيقي خالي من المنافسة وروح العداء فمنذ بداية الاعتقالات بعد بدء انتفاضة الأقصى وحتى اللحظة من عمر هذه الانتفاضة والصراع قائم بين جموع الأسيرات إما على منصب أو على لجنة داخلية أو على غير ذلك وكله عائد لسوء الفهم الحقيقي للأسر ولعقل المرأة ذاته أن حكمت المرأة وقد تحدث "طارق محمد السويدان وفيصل عمر باشراحبيل "عن صفات المرأة القيادية في كتابهما "صناعة القائد" فقالا مدعمّان هذه النقطة أن المرأة القيادية وإن تفوقت على الرجل ببعض الأمور أثناء عملها فإنها فشلت في أكثر فالمرأة حسب رأيهما : 1- غير متمكنة من عملها مثل الرجل 2- متقلبة المزاج 3- تتكلم كثيرا وتغتاب وغير صريحة مع الغير 4- تخشى على منصبها كثيرا ولذلك لا تساعد أية امرأة ممكن أن تهدد مكانها 5- عاطفية إذا أحبت رفعت وإذا كرهت فجرت في الخصومة 6- لا تحفظ السر 7- تتكبر على غيرها عندما تصل للقيادة. وهذه الاستنتاجات التي خرج بها كاتبي صناعة القائد متبلورة تماما في وسط الأسيرات وهذا من وحي تجربتي الذاتية خلال ست سنوات من الأسر ولا استثني نفسي من ذلك فأنا جزء منهن ولكني أريد أن أصوب اعوجاجاً قبل أن ينكسر ولا أرى إلا أني أدور في حلقة مفرغة وأتساءل ما هو موقع الأسيرات من الإعراب ؟هل هن فاعل جنينَ على أنفسهن بسبب هذا الصراع الذي هو نتاج قصورهن الفكري وعجزهن العملي ؟ أم أنهن مفعول به ضحية صمت الأسرى وصمت أصحاب التجارب وصمت الإعلام وشلل دوره في هذا المضمار وبُخل الكتاب نسجَ تجربة المرأة في كتب ..وضحية استهتار الفصائل واستهتار المرأة بذاتها ... وما هي الجملة الصحيحة لغويا : ظلمت الأسيرات أنفسهن أم ظلمهن الغير؟ وهل سيجد الهودلي وأمثاله في تجربة الأسيرات الاعتقالية ما يستحق أن ينقش في أُم الكتب إن فكروا أصلاً أن يكتبونا ؟.... تم بحمد الله
نورس فلسطين
المشرف العام
عدد الرسائل : 7626 العمر : 51 الحالة الاجتماعية : متزوج المستوى التعليمي/العمل : مكتبة وهدايا الهوايات : كل شيء جميل : تاريخ التسجيل : 09/03/2008
موضوع: رد: ماهو موقعنا من الإعراب يا هودلي بقلم الأسيرة أحلام التميمي الخميس أبريل 10, 2008 9:55 pm
النورس مر من هنا
احمد عبد الرحيم عمر
شاعر المنتدى
عدد الرسائل : 512 العمر : 40 الحالة الاجتماعية : خاطب المستوى التعليمي/العمل : صاحب كفتريا الوجبة السريعه الهوايات : ركوب الخيل : تاريخ التسجيل : 06/04/2008